حسناً فعلت داعش في تعينها أو تنصيبها لأمير بغدادي أو أردني أو طاجيكي على ولاية لبنان لاحقاق الحقّ وازهاق الباطل ولاقامة الحدود وآمّ الجماعة في جُمعة الخلافة ليشعر المسلمون أنهم وصلوا الى السلف الصالح وأدركوا جنتهم الصحراوية واقتبسوا من نارها لظى تحرق ماتبقى من جنان يسكنها الكافرون بأهل اللحى من ائمة داعش وأخواتها على اختلاف مشاربهم وتشكيلاتهم ومذاهبهم .. حسناً فعل المتطرفون بالجهل والقتل باختيارهم الرجل المناسب للبلد المناسب خاصة وأن لبنان بلا رئيس وثمّة حاجة ملحة لامير يقود البلاد والعباد الى طواحين جديدة من حروب آلفها اللبنانيّون واعتادوا عليها لانها المهنة التي يتقنونها والتي ورثوها عن آبائهم واجدادهم من رواد النهضة الثورية ومن قادة الحروب الأهلية ومن أصحاب الشعارات الأممية المتجاوزة لحدود الكيان المصطنع والذي ولّدته القابلة القانونية على فراش اتفاقية "سايكس بيكو" . أخفق اللبنانيّون في اختيار رئيس ونجح الداعشيون في تعيين أمير ..مفارقة كبيرة بين جهتين تعاتشين على الاختلافات والقسوة في التعبير عن اختلافاتهم الى حدّ التكفير واباحة القتل . مفارقة ملفتة لجماعة من وهم الغيب وجهات من وهم الحقيقة ..ربما أدركت الجماعة الأولى خلو الساحة من الجهة الثانية لانشغال جماعاتها في استحقاقات الموت على أبواب الحلول الخارجية وربما اطمأنت داعش الى ضرورتها عند الجميع فأمسكت بطرف العصا ودعتها حاجة الآخرين اليها الى التصرّف وفق مشيئة أمرائها الذين يتقاسمون الجغرافية الاسلامية بناءً على خرائط التوزيع المنصف لأهل العقدّ والحلّ من "تورابورا" الى أمكنة مجهولة حيث تقف أنظمة تدّعي مواجهة المتطرفيين والتكفيريين في العلن وتوفرّ لها كل أسباب الوجود والدعم في السرّ . ما العمل أمام خضوع وخنوع لبنان واللبنانيين لأمير الجماعة ؟ أعتقد أن المواجهة الفعلية مع هؤلاء لا تكمن في خياراتنا الوطنية في التجاوز السريع للمواقف المتشنجة في اتباع وصفات داخلية ناتجة عن وعي بمسؤوليّاتنا التاريخية تجاه لحظة محرجة من عمر الكيان أو الصيغة أو " الدولة" ..ربما أضغاث أحلام ولكننا لا نستطيع التفكير بغير منطق العقل الذي يفرض علينا جنوحاً الى السلم الأهلي حتى لا يصبح لبنان دياراً للاسلام السياسي والجهادي لا على طريقة داعش فحسب بل على طرُق كثيرة سيضيع معها لبنان الذي آلفناه كنكهة خاصة في عالم عربي واسلامي بلا طعم ولا رائحة ولا لون ..