ونحن نعيش الذكرى السنوية الأولى على احداث عبرا وهجوم قوة من الجيش اللبناني مدعوما بطريقة او باخرى من حزب الله ، ادت بالنهاية الى استئصال ما سمي حينها بظاهرة الأسير وفراره مع فضل شاكر ومقتل من كان معه وسجن اخرين وما سبقها وما تخللها من مواقف وتصريحات .

نستذكر تلك الحادثة وعيوننا الان شاخصة على ما يجري في سوريا وفي العراق خصوصا، وما الت اليه الأمور من تحولات خطيرة انحدرت بشكل كبير نحو القعر الاسن الى اسفل الوادي الطائفي مما أدى الى خروج وحش داعش من الظلمة الليلاء ومن الكهوف المعتمة العطنة والتي ساهمت سياسات المالكي وادائه المقيت في السلطة واستقوائه وتفرده واستعلائه بإيجاد ما يسمى بالبيئة الحاضنة من عشائر وسنة الموصل الذين وجدوا في ركوب هذا الوحش الأداة الممكنة لردع الاستبداد والقمع الذي يمارس عليهم وهم يعلمون علم اليقين انهم سيتحولون هم أيضا في القادم من الأيام الى مجرد ضحايا وفرائس سهلة يلتهمهم هذا الوحش حالما يقف على قدميه ويثبت مخالبه .

ولان بين أداء المالكي في العراق وأداء حزب الله في لبنان وجه شبه يكاد يكون متطابق من حيث التفرد والاستئثار المستند هناك على غلبة الأكثرية العددية القابضة على مقاليد وثروات السلطة والمستند هنا على فائض من قوة السلاح مما يعني منطقيا ان وجود مقدمات واحدة كان يجب ان تفضي الى نفس النتائج في لبنان كما في العراق.

الا ان متغير أساسي ومعطى اوحد ساهم بشكل كبير في تحول المشهد اللبناني وحال دون " دعشنة " السنة فيه وهو وجود " تيار المستقبل " ومواقفه العظيمة التي اصر من خلالها وهو في اشد لحظات الاستضعاف بان لا يتحول الى غطاء او بان يعطي أي من المشروعية فضلا عن الدعم لحركة الأسير او لاي ظاهرة تشدد على امتداد الوطن من عكار الى الجنوب مرورا بعبرا.

هذه المواقف " الاعتدالية " التاريخية لتيار المستقبل ورفضه لاي تطرف واصراره المكلف جدا على اعتداله والتي يجب على الشيعة اللبنانيين بشكل عام وعلى حزب الله بشكل خاص ان يحفظوها لهذا التيار ولرئيسه برموش عيونهم وان يثمنوا هذه المواقف باغلى من ماء الذهب لما ساهمت وتساهم كل يوم من ابعاد لشبح الفتنة عن لبنان وبالتالي فعليهم ان يردوا التحية بمثلها او بأفضل منها ان لم يكن بلحاظ الجانب الأخلاقي ، فباقل تقدير يمكن القول (بعد الذي يجري في المنطقة من حولنا ) توجب عليهم ذلك بلحاظ المصلحة الذاتية ، وفي هذه المناسبة نتوجه الى حزب الله وللمرة الالف لنقول بان البندقية التي هزمت العدو يمكن ان تتحول الى عبء ثقيل على حاملها اذا ما حصر تفكيره من خلال فوهتها، وان عليه ليس فقط التنازل لسعد الحريري وافساح المجال له للعب دوره الطليعي بل وفوق ذلك حبة مسك أيضا ، وعلى حزب الله في هذه المرحلة ان يساهم هو بشكل سريع بتقوية وتحسين موقع تيار المستقبل ولومن خلال تنازلات سياسية كبرى بحجم رئاسة الجمهورية او غيرها فضلا عن تفعيل دوره بكل المؤسسات فبذلك يكون حقيقة كمن يطلق رصاصة الرحمة على قلب أي إمكانية لقيام بيئة حاضنة للتطرف.

والرزية كل الرزية اذا كان حزب الله الى اللحظة لم يتعلم مما جرى بالموصل، لانه وكما يقول المثل ( بتصرف ) :

مش كل عبرا بتسلم الجرة.