قرر لبنان بكل مؤسساته الرسمية والامنية وبكل أطيافه السياسية والحزبية مواجهة الإرهاب والوقوف بوجه التهديدات المستجدة من تطورات الاوضاع الأمنية في المنطقة خصوصا بعد انفلات الأوضاع على الساحة العراقية ,وفيما يبدو فإن القرار السياسي في لبنان كان واضحا بعد تطور الأحداث الأمنية في العراق ,وكان قرار الجميع بالوقوف والتصدي بوجه أي تهديد إرهابي مستجد وكل ما أعلنه وزير الداخلية نهاد المشنوق وكل ما قام به الجيش اللبناني والأجهزة الامنية الاخرى يأتي أيضا في هذا السياق .
إلا أن ذلك قد لا يحدُّ كثيرا من حالة الخوف التي تسيطر على البلاد ولا يمنع من طرح الكثير من الاسئلة في ظل حالة الشلل العام في مؤسسات الدولة من مجلس النواب إلى مجلس الوزراء مع استمرار الفراع في كرسي رئاسة الجمهورية لليوم السادس والعشرين على التوالي .
إن هذا الفراغ وما يستتبعه من تعطيل مؤسسات الدولة قد يؤدي إلى أو ربما أدى فعلا إلى زيادة المخاوف من الإنفلات الأمني وإلى تبديد الخطوات الامنية التي يقوم بها الجيش والاجهزة الامنية .
وفي نظرة سريعة على المستجدات الأمنية على الساحة اللبنانية خلال الايام الماضية قد نخرج بخلاصة أن هناك تهديدات فعلية بدأت معالمها بالظهور في بيروت وصيدا والشمال حيث شهدت منطقة بيروت إجراءات أمنية مشددة مع اكتشاف محاولات تفجير ثلاث مستشفيات في منطقة الضاحية الجنوبية وعودة السيارات المفخخة الى المنطقة ,وشهدت مدينة صيدا تحركات جديدة لانصار الشيخ أحمد الأسير واستدعت الاوضاع الامنية المستجدة في مخيم عين الحلوة اجتماعات أمنية عدة خوفا من الانفجار المتوقع في المخيم ,وكذلك شهدت منطقة الشمال وفي مدينة طرابلس تحديدا ظهورا مشبوها لأحد رموز تنظيم القاعدة وفي منطقة عكار سجلت حركة غير اعتيادية لرموز من القاعدة ايضا .
إن هذا الواقع المستجد بعد التطورات الاخيرة في العراق وبعد تمدد تنظيم داعش في كل من سوريا والعراق يستدعي الوقوف مجددا على المخاطر الأمنية المحدقة بلبنان وتضافر الجهود في تثبيت معادلة الامن والاستقرار وقد لا يتحقق ذلك بالكامل إلا من خلال العمل على إنهاء الفراغ في كرسي الرئاسة والتوافق على انتخاب مرشح رئاسي في أقصى سرعة ممكنة ومن ثم تشكيل حكومة وحدة وطنية تكون وظيفتها الاساسية تثبيت مقولة النأي بالنفس وتثبيت الامن والاستقرار في البلاد ونزع فتيل الفتنة المذهبية والطائفية التي تهدد البلاد والعباد.