اتسعت دائرة المخاوف من استيقاظ الخلايا النائمة في صيدا ومخيماتها ربطاً بما يحصل في العراق. وبلغت هذه المخاوف حدوداً غير مسبوقة دفعت بقيادة الجيش اللبناني في الجنوب إلى اتخاذ جملة من الإجراءات والتدابير الأمنية التي وصفت بالوقائية والاستباقية والتحذيرية.
وكان أوّل الغيث، إجراءات أمنية اتخذها الجيش في محيط مخيم عين الحلوة حيث استحدث نقاطاً امنية جديدة معلنة، وأخرى غير مرئية. وأكّدت مصادر متابعة أن المؤسسة العسكريّة بصدد اتخاذ إجراءات إضافية قريباً.
وأشارت مصادر أمنية إلى أنّ قيادة مخابرات الجيش في الجنوب وضعت القيادات الفلسطينية المركزية الوطنية والاسلامية ولجنة المتابعة، في صورة الاجواء التي تعيشها المنطقة من النواحي الامنية. كما أبلغتهم حالة الاستنفار المطلوبة من الجميع لتقطيع هذه المرحلة المستجدة والمرتبطة ارتباطاً وثيقا بأحداث العراق، واحتمال قيام مجموعات سلفية متشددة تتخذ من عين الحلوة وصيدا ملاذاً لها للقيام بإحداث فتنة في هذه المنطقة واعلان الولاء لـ«داعش».
ولفتت الانتباه إلى أنّ الجيش ابلغ الجميع بأنه ممنوع المسّ بـ«الستاتيكو» الامني والسياسي في هذه المنطقة، لأنه لن يتساهل مطلقاً مع اي حدث أمني مهما كان صغيراً، لأن منطقة صيدا هي ممرّ الزامي لقوات الطوارئ الدولية ومرتبطة بالقرار 1701، وبالتالي ممنوع المساس بها، وعلى القيادات الفلسطينية أن تكون على علمٍ بذلك وتكون لها اليد الطولى في المخيمات، خاصة في عين الحلوة، لردع اصحاب الرؤوس الحامية من ارتكاب أي عمل أمني ـ فتنوي.
في المقابل، ذكرت مصادر فلسطينية أن مساعي حثيثة تبذل بين قيادات الفصائل في عين الحلوة لوضع حد لتعثر وعرقلة انتشار القوة الامنية الرادعة في عين الحلوة، مشددةً على أنّ الوضع الفلسطيني في لبنان برمّته وضع حالياً فوق المشرحة الأمنية ربطاً بما يجري في العراق، ما يعني بشكل أو بآخر تسمية الجهات المعرقلة لانتشار القوة الامنية بأسمائها.
وفي سياق متصل، أكد أمين سر حركة «فتح» و«فصائل منظمة التحرير الفلسطينية» في لبنان فتحي ابو العردات على حيادية الموقف الفلسطيني من التجاذبات الداخلية اللبنانية، مؤكداً الحرص على امن المخيم والجوار.
كما دعا، خلال زيارته بلدة المية ومية في شرق صيدا حيث التقى رئيس البلدية جورج فرنسيس وعددا من اعضاء المجلس البلدي وفعاليات البلدة يرافقه عضو قائد الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان صبحي ابو عرب وعدد من الفعاليات الفلسطينية، إلى ضرورة تمتين العلاقات الفلسطينية ـ اللبنانية واستمرار التواصل مع جوار المخيمات.
من جهة ثانية، شدّد أمين عام «التنظيم الشعبي الناصري» أسامة سعد، خلال لقاء في مكتبه في صيدا، على أن «المخاطر على لبنان قد تضاعفت نتيجة لتطور أحداث العراق»، مشيراً إلى أنّ «ظروف لبنان مشابهة لظروف العراق نتيجة التحريض المستمر بخلفية طائفية ومذهبية، وقد يتأثر المزاج العام في لبنان نتيجة ما يحصل على الساحة العراقية، ومن المؤسف أن يستسهل شعبنا القتل والدمار والخراب».
ورأى أن «الأجواء في لبنان مشحونة نتيجة عدم انتخاب رئيس جمهورية ووجود مجلس نواب ممدّد له ومعطّل، وتجاذبات حول صلاحيات مجلس وزراء، يضاف إلى ذلك وضع اقتصادي واجتماعي متدهور وأجواء مشحونة، واصطفافات مذهبية وطائفية حادة، فضلا عن عبء النازحين السوريين، والمخاطر المحيطة بالوضع الفلسطيني داخل المخيمات نتيجة تصاعد قوة التيارات المتطرفة».
وكان سعد قد التقى في مكتبه الشيخ خضر الكبش، الذي شدّد على وحدة الموقف الصيداوي والتأكيد على هوية صيدا الوطنية التي قاومت وقهرت الاحتلال الاسرائيلي وعملاءه.