لا شك بان الحدث العراقي وما جرى من تمدد لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام وفرض سيطرته المفاجئة على حوالي 30 % من أراضي العراق وما تبع ذلك من فضيحة مدوية لحكومة المالكي المدعوم إيرانيا وسرعة انهيار الجيش النظامي الذي صرف عليه مليارات الدولارات ( على شاكلة مؤسسة كهرباء لبنان ) وما رافق كل ذلك من تأويلات وتحليلات بكل الاتجاهات حتى بات المتابع لهذا الحدث انما يزداد غموضا وضبابية مع قراءة كل مقال او تحليل ذي علاقة بالموضوع

الا ان الثابت الأوحد الذي لا يحتاج الى كثير اعمال عقل هو تحميل ما وصلت اليه الأمورمن سوء وتدهور وصولا الى تباشير حرب اهلية قادمة للادارة الإيرانية الممسكة بشكل مباشر بالملف العراقي لما لها من نفوذ عظيم على المكون الشيعي الأكبر  المتحكم منذ الاحتلال الامركي وبعده بمفاصل ومقادير السلطة  

فلم يكتف النظام الإيراني بتقديم ابشع نموذج للحكم في العراق ان من خلال سوء الإدارة والفساد وسرقات الثروة واستباحة المال العام بل قدم ما هو ابشع من ذلك حيث عمل على تطييف الحكم  فاندثرت امامه الهوية الوطنية عند المواطن العراقي بشكل عام والشيعي بشكل خاص من اجل خلق شعور دائم بالحاجة الى الانتماء المذهبي وبالتالي الرجوع الى النظام الإيراني الأقرب له مذهبيا

ومن اجل تعزيز هذا الشعور عمد الإيرانيون الى دعم وتسهيل التطرف السني الممتعض من الأداء الشيعي من اجل شد العصب المذهبي الذي من خلاله فقط يستطيع رجل ايران الأول نوري المالكي استقطاب التأييد الشيعي مقابل الخطر السني الداهم , وهذا ما تشير اليه مجمل التقارير المخابراتية من دعم خفي وتسهيل أمور تلقاها تنظيم داعش على ايدي المخابرات الإيرانية بالخصوص بعد اندلاع الاحداث في سوريا حيث تحول أبو بكر البغدادي الى الطفل المدلل الذي يخدم بعلم او بدون علم المشروع الإيراني في المنطقة بما قدم من خدمات جليلة ساهمت في بقاء واستمرار نظام بشار الأسد

فهذا السياق الإيراني المتبع بدعم ليس فقط الحليف المباشر وانما أيضا من خلال دعم من يؤمن لهذا الحليف من إمكانية استمرار وبقاء لخدمة المشروع الأكبر في سيطرة النظام الإيراني على المنطقة ولو على حساب بنية الدول ومما يؤدي حتما الى شل واضعاف مرتكزاتها وهذا هو الدور الذي يلعبه أبو بكر البغدادي في العراق , وهذا بالظبط الدور الذي يلعبه ميشال عون في لبنان !