ساعات قليلة تفصل بين تلامذة لبنان وامتحاناتهم الرسمية، ولا زال التناحر قائماً على قدمٍ وساق بين هيئة التنسيق النقابية والمجلس النيابي، بينما يصرّ وزير التربية  الياس أبو صعب على إجراء الامتحانات الرسمية يوم غد الجمعة رغم مقاطعة الهيئة. بينما تقوم 14 آذار بتعطيل الجلسات التشريعية بحجة الشغور الرئاسي، وتقوم 8 آذار بتعطيل جلسات انتخاب الرئيس إحياءً لسياسة "الأنا أو لا أحد" ويستمر التعطيل رغم درجة الغليان التي وصل لها الوضع اللبناني.

وسيضيع عام دراسيّ كامل بين معلّمٍ نسف مهنيته وترك تلامذته في منتصف الطريق وراح يبحث عن مصالحه في جيب دولةٍ ابتلعت حقوق شعبها وحوّلتها إلى أرصدة خاصة في بنوك نوّابها ووزرائها.

وبغضّ النظر عن الامتحانات الرسمية هناك وضعٌ اقتصاديّ آيل للسقوط في حال أقرّت السلسلة، فسيتسبّب إقرارها بعجزٍ إضافي يقارب ال800 مليار ليرة لبنانية، ولن يُغطّى هذا العجز إلّا من جيوب الشعب اللبناني. وبغض النظر عن أحقيّة حصول الموظفين المقدسّة على السلسة، هل فكّرت انت أيها الموظّف في حال زادت الضرائب كيف سيتأقلم شريكك في الألم اللبناني مع هذا الغلاء، شريكك في الألم العاطل عن العمل والموظّف الغير مضمون والمعوّق مثلاً. توجّهت بالسؤال لك انت ولم أتوجّه به للدولة اللبنانية لأنها لم ولن تلتفت يوماً لمعاناة مواطنيها، فهي دائمة العمى اتجاه آلامهم ودائمة الصمم اتجاه صرخاتهم.

لفتني مشهدٌ صباحي مؤلم على أوتوستراد السيّد هادي في الضاحية الجنوبية لبيروت، أحببت أن أشارك به هيئة التنسيق النقابية. رجل بيَد واحدة ورِجل واحدة يقود شاحنةً صغيرة معدّة لتعبئة المياه الصالحة للشرب في خزانات البيوت لتأمين قوته وقوت عياله، قام بربط "الفيتيس" بحبلٍ وصله بكتفه الأيمن ليتمكن من القيادة، مشهد مؤلم يُدمي القلوب ويكفّن هيبة الدولة اللبنانية بسواد إهمالها.

والسؤال الذي يطرح نفسه أين حقوق هذا المواطن، أين حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة في جمهورية الإعاقة اللبنانية، أليس هذا الرجل وأمثاله أحق بسلسلةٍ مادية ومعنويّة أكثر من هيئة التنسيق النقابية. هل تساءلت يا حنّا غريب ويا نعمة محفوض كيف سيتأقلم هكذا رجل مع الغلاء الذي سيحصل في حال أقرّت السلسلة.

فهذا رجلٌ حقيقي في دولة أشباه الرجال، إلا أن إعاقته الجسدية لا تسمح له بأن يقف في الشارع ويقطع الطرقات ويعطّل، ولهذا السبب لا صدى لمعاناته ولا مستجيب لصرخاته...!!!

نهلا ناصر الدين