ينبىء الحراك الاقليمي المتصاعد، بتحولات جذرية من شأنها أن تعيد رسم خريطة سياسية جديدة للمنطقة باسرها، فزيارة أمير الكويت صباح الأحمد الصباح إلى ايران، في شكلها ومضمونها وتوقيتها معطوفة على الغمز الأميركي باتجاه منظمة طالبان الافغانية، اضافة إلى التطورات السورية وما يواكبها من مواقف عربية ودولية، مواقف ومحطات تؤكد بأن جديداً سيطرأ على الخريطة الجيوسياسية للعالمين العربي والاسلامي، خصوصاً أن زيارة الصباح جاءت تتويجاً لسلسلة من الاتصالات المستمرة منذ أشهر بين الدولة الخليجية المعروفة باعتدالها النسبي والفارسية المتشددة بالنسبة لملفات الخليج، كما أنها تحمل دلالات كثيرة على اعتبار أن الصباح يحمل معه ملفات كثيرة تم التوافق بشأنها، ولم تعد بحاجة سوى للاعلان عنها والعمل على ترتيبات تسمح لها بالظهور تباعاً ايذاناً بمرحلة جديدة من التعاون بين الدول الخليجية من جهة وطهران من جهة ثانية، لا سيما أن أمير الكويت لم يكن الأول وليس الوحيد الساعي للبدء باتصالات مباشرة مع الدولة الاسلامية في طهران، انما بعد سلطان عُمان قابوس بن سعيد الذي كان السبّاق لاجراء مثل هذه الزيارة أعقبها البدء بحلحلة الملف النووي، ومن ثم لحقته قطر من خلال تفعيل الاتصالات الدبلوماسية وترجمتها، وقفاً للحملات الاعلامية على "حزب الله" والحد من التطرف الاعلامي في ما خص الأزمة السورية والنظام بشكل عام.
أحد المتصلين بالعاصمة الايرانية ممن واكبوا أجواء الإعداد للزيارة وجدول أعمالها، كشف لـ"النشرة" أن الصباح يحمل بين ملفاته مبادرة لتقريب وجهات النظر بين طهران والرياض، مع الاشارة إلى أنها تتمة لتلك التي كان السلطان قابوس بن سعيد قد بدأها في أيلول الماضي، اضافة إلى ملفات سياسية متعلقة بالأزمة السورية وكيفية التعاطي مع مرحلة التجديد للرئيس السوري بشار الأسد على رأس النظام، وبالتالي رسم اطر التعاطي الدبلوماسي وامكانية دخول طهران على خط المصالحة، واخرى اقتصادية تتعلق بالنفط ومشتقاته، ودور طهران في ضمان أمن المعابر وعدم احراج السعودية على المستويات الأمنية والسياسية المتصلة بها، ناهيك عن تثبيت الدور الايراني المتنامي في الخليج العربي وعدم تهديده لأمن هذه المنطقة.
ويتوقف المصدر عند مضمون الزيارة وتوقيتها، فيشير إلى تزامنها مع دعوة وزير الخارجية السعودية سعود الفيصل المفتوحة لنظيره الإيراني محمد جواد ظريف من جهة، وعشية الانتخابات الرئاسية السورية من جهة ثانية، في مشهد يؤكد أن دعوة المملكة جدية للغاية،  وليست لاطلاق مناورة ما لهدف سياسي بعيد المدى، بل للحد من التوتر بين الدولتين الجارتين عشية توقيع الاتفاق النووي بين ايران والغرب، بالاضافة إلى اعتراف مسبق بما ستأتي به نتائج الانتخابات في سوريا، وهي انتخابات تعوّل عليها طهران لاعادة الهيبة للمحور الذي تقوده في المنطقة.
وفي هذا السياق، من المرجح أن تواكب طهران اتفاقها مع الغرب بسلسلة من الخطوات والمبادرات لاعادة نوع من التوازن الامني والسياسي إلى المنطقة، في ظل سياسة اصلاحية ايرانية تقوم على توسيع مروحة اتصالاتها وتحالفاتها، ولكن ليس على حساب مكاسبها التي اضافت اليها مكاسب اقتصادية بعد رفع بعض العقوبات عنها، والافراج عن جزء من أرصدتها المجمدة، فالكويت تحاول لعب دور ضابط الايقاع الخليجي بعد الارباكات التي شهدتها كل من قطر والسعودية، ما يفتح الباب أمامها للعب دور الشريك الخليجي إلى جانب الدول التي تسعى للخروج من رمال المنطقة العربية.