لم يقدم الرئيس الاميركي باراك اوباما في خطابه الاخير امام خريجي الاكاديمية العسكرية خيارا قويا بديلا للسوريين يجعلهم يبتعدون عن خيار التسليم ببقاء الرئيس بشار الاسد ولاية ثالثة سواء انتخبه مليون او اثنين او اكثر بقليل ما دام وحده المرشح المخول الوصول الى الرئاسة. ففي خطاب واسع عن سياسته الخارجية تردد انه اعاد فيه صياغة اولويات ادارته وصادف إلقاءه في اليوم نفسه لبدء النظام انتخاباته في بعض السفارات التي سمحت دول بإجرائها، وعد اوباما بزيادة الدعم الاميركي للمعارضين الذين يقاتلون نظام الاسد ومساعدتهم في مواجهة خصومهم من المتطرفين مستبعدا اي حل عسكري في وقت قريب معلنا نيته العمل مع الكونغرس من اجل ذلك فيما بدت خريطة الطريق التي يرسمها طويلة الامد. لم يكن ما اعلنه اوباما، في حال شكل خطوة متقدمة عن مواقفه السابقة خلال الازمة السورية باعتبار ان كثرا لا يرونها كذلك، كافيا لاعطاء السوريين حوافز مختلفة على ابواب انتخابات ينظمها النظام من اجل ضمان استمراره. فلا خيارات عمليا سوى الخيارات المعروضة عليهم وهي لا خيارات فعلية.

في المقابل فان روسيا لم تقل كلمة في الوضع السوري قياسا بمواقف المسؤولين الروس ازاء التطورات في اوكرانيا في الاشهر الاخيرة على رغم ان روسيا كانت ستوفر مأساة الحرب في سوريا لو فعلت. فوزارة الخارجية الروسية كررت تحذيرها لكييف مرارا من ان "الزج بالجيش ضد الشعب هو جريمة وسيجر اوكرانيا الى الكارثة" الامر الذي بررته للنظام في سوريا كما طالبت بفتح ممرات انسانية للسماح للسكان المدنيين في شرق اوكرانيا بالخروج الامر الذي لا تزال ترفضه لسوريا لجهة فتح ممرات انسانية لايصال المساعدات. كما انتقد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف كييف التي تسعى الى تحقيق الانتصار كما قال في الحرب الاهلية قبل ان تبدأ الحوار مع الاقليم فيما يغض النظر عن حرب يتابعها النظام من دون هوادة رافضا الحوار.
لن يكون غريبا ازاء ذلك مسارعة القادة الايرانيين الى استباق الفوز المرتقب للرئيس السوري في مناطق سيطرته بالتشديد على ان هذه الانتخابات تعزز شرعيته فيما تسجل طهران مكسبا في خانتها من دون ابداء اي تأثر او ايلاء اي قيمة للتقرير الاقتصادي الاخير الذي اصدرته الامم المتحدة عن سوريا والذي ورد فيه تحول الشعب السوري الى شعب فقير بنسبة 54,3 في المئة لا تستطيع ان تؤمن متطلبات العيش الاساسية وان 20 في المئة يواجهون الجوع وسوء التغذية اضافة الى هجرة اكثر من نصف الشعب السوري اماكن سكنهم الاصلية وهجرة 1,5 مليون سوري ولجوء اكثر من 2,35 الى الدول المجاورة. يضاف الى ذلك انهيار النظام الصحي حيث 61 من اصل 91 مستشفى عام غدوا غير عاملين واكثر من 45 في المئة خارج الخدمة كما انهيار النظام التربوي بوجود اكثر من 51,8 من ابناء سوريا خارج المدارس وتدمير اكثر من 4000 مدرسة فيما يقدر وفاة او اصابة او تشويه اكثر من 520 الف سوري.
لن يأبه النظام يقول متصلون به لاقتصار الاعتراف المحتمل بانتخاباته سوى على ايران وروسيا والصين. اذ ان خطته للسنة ونصف السنة المقبلة هي السيطرة على المدن السورية بما فيها حلب التي ستشهد كما يقول هؤلاء مصيرا مشابها لحمص على ان يعني ذلك بالنسبة اليه في المرحلة التالية عودة المجتمع الدولي الى الاعتراف به ومفاوضته!