سيطر  التغير على خطاب  الرئيس الأمريكي، باراك أوباما  امس ، اثناء كلمة له بحفل تخرج عسكريين في قاعدة  بويست بوينت بنيويورك والذي ركز فيها عن  السياسة الخارجية الأمريكية من خلال طرح افكار جديدة حددها في خطابه الذي تم نقله مباشرة من قبل وسائل الاعلام العالمية ليحدد فيه مفاهيم جديدة لموقع امريكا في العالم  بظل الغياب  الاصطناعي الذي فرضه غياب دورها عن الساحة العالمية منذ وصول  الرئيس  اوباما على البيت الابيض في اعتماده سياسة هادئة  ومتزنة في مخاطبة الجميع حيث قال: "من يعتقد أن تهبط أو أن القيادة العالمية تنزلق من يدها، فإنه إما أنه لم يقرأ التاريخ جيدا أو أنه منخرط بالسياسة ألحزبية. أمريكا انهت الحرب بالعراق وتتحضر لإنهائها في أفغانستان نهاية العام الجاري وقضت على قيادات بتنظيم القاعدة، ولم يعد هناك أسامة بن لادن،" مؤكدا في الوقت ذاته على أن الولايات المتحدة الأمريكية ستستخدم القوة العسكرية أحادية الجانب في حال تعرض مواطنوها أو مصالحا الأساسية في العالم للتهديد." وليقول من جديد بإن علاقة الولايات المتحدة الأمريكية مع مصر تتركز بقوتها على المصالح الأمنية من معاهدة السلام مع إسرائيل إلى الجهود المشتركة لمكافحة الإرهابيين. وتابع الرئيس  : " اما على صعيد مكافحة الإرهاب لقد تقدم بشراكة لمكافحة الإرهاب مموله بخمسة مليارات دولار، ستسهل عمليات التدريب للقوات في اليمن في مواجهتها للقاعدة والحفاظ على السلام في الصومال والعمل مع الشركات الأوروبيين لتدريب قوات أمن ليبية وقوات لحماية الحدود. 

لكن المتابع لتصريحات الرئيس اوباما منذ فترة  بسيطة لا يحتاج الى سماع هذا الخطاب الجديد  وخاصة بعد سلسلة اللقاءات والاجتماعات والمراجعات السياسية والحزبية للسياسة الامريكية الخارجية وبخاصة بعد اندلاع الازمة الاوكرانية مؤخرا  ومحاولة ردع روسيا  وتطولها على السياسة الخارجية بواسطة القوة الاوكرانية .

فالأزمة الاوكرانية كانت مكان تحول جدري بالسياسة الامريكية مما دفعها للتغيير التدرجي بمواقفها نحو الازمة السورية وتعاملها معها بظل الغطرسة الروسية والإيرانية وتعطيل روسيا والصين لمجلس الامن والقرارات الدولية .

لعلّ العناوين التي كشفها نائب مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي بن رودس لصحيفة "نيويورك تايمز" هي تفصيل بسيط، فيما كثير من التسريبات التي تحدّثت عن هذا الموضوع،  والتي تُوِّجتها   زيارة رئيس "لإئتلاف الوطني السوري" المعارض أحمد الجربا الأخيرة لواشنطن قبل أسبوعين.

ولعل استخدام روسيا والصين حقَّ النقض ضدّ قرار إنسانيّ حول سوريا في مجلس الأمن الدولي قبل أيام، كان "القشّة" التي حسَمت اعتماد واشنطن سياسات مختلفة تجاه التحدّيات المرفوعة في وجهها.

 ولكن بعد ما اطمأنّ أوباما إلى "إنجازاته" في ملفّ السياسة الداخلية، بات عليه إنجاز استحقاقات خارجية لن تواجهه فيها صعوبات كبيرة، خصوصاً أنّها ستنسجم مع انتقادات كثيرة موجّهة ضدّه في هذا المجال، سواءٌ من حزبه الديموقراطي أو من الحزب الجمهوري.

ولعل الرئيس اوباما الذي كان يهدف من هذا الخطاب والذي اعطاه شرعية التفرد باستخدام القوة الامريكية بحال تعرضت مصالح امريكا  الخاصة لخطر كان يؤكد لحلفاء واشنطن وتحديدا الاردن بان امريكا جادة باتخاذ مواقف متطورة بشان الملف السوري ما دفع بالأخيرة بأخذ قرارات سريعة ترجمتها بطر سفير النظام السوري من عمان استعداد لرفع مستوى تمثيل الاتلاف السوري المعارض ومنع مهزلة المسرحية الانتخابية  على اراضيها ،

وترى تلك الأوساط أنّ تشديد أوباما على ضرورة مواجهة الإرهاب، لا يمكن تحقيقه إلّا عبر آلية سياسية فاعلة ونشطة، تعيد خلق الظروف السياسية الملائمة للحديث عن تسوية سياسية جدّية ومُجدية في آن معاً في سوريا.

فإذا كان الهاجس هو عدم تحوّل سوريا ليبيا أو يمَناً آخر، فلا يمكن أن يستقيم الوضع من دون التشديد على مستقبلها.

لذلك يرى المراقبون والمحللون السياسيون تحولا جذريا في خطاب الرئيس اوباما في اشارة على ان امريكا سوف تغير نبرته مع المشاكل والأزمات العالقة نتيجة عدم وضوح الموقف الامريكي وجديته معها لذلك تعتبر اهمية الجملة التي استخدمها الرئيس اوباما في خطابه بان امريكا لا تزال الدولى الاولى والقوية في العالم  ،وهذه الرسالة التي كانت موجهه للروس والصينيين ، لنترقب كيف سترجم هرا الخطاب ويتحول من الاقوال الى الافعال في تعاطيه مع العديد من الملفات والتي اشار اليها في الخطاب ليكون خارطة طريق جديدة في السياسة الامريكية الخارجية وان لا يكرر الرئيس اوباما تجربة رئيس الوزراء التركي في رفع النبرة واللهجة الخطابية واستخدام الخطوط الحمراء الذي افقدته مصداقيته وأربكت سياسته .

د.خالد ممدوح العزي