عن الاستحقاق الرئاسي أيضاًُ وأيضاً... يُفترض أن تكون مرحلة ما قبل انتهاء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جمهورية جديد قد انتهت بكلّ ما شهدَته من خطاب سياسي وترشيحات تُثبت أن لا حظوظ لها بالفوز لتبدأ بعدها مرحلة جديدة بترشيحاتها وخطابها.

واضحٌ أنّ مرحلة المهلة الدستورية المنصرمة قد اسقطت ما سمّي "المرشحين الاقوياء" بدليل انّ الانتخاب النيابي توقّف عند ابواب دورة الاقتراع الثانية التي يفوز فيها المرشّح إذا نال اصوات الاكثرية النيابية المطلقة، اي نصف اعضاء مجلس النواب زائداً واحداً (65 صوتا)، على عكس الدورة الأولى التي يفوز فيها المرشح إذا نال أصوات اكثرية الثلثين (86 نائباً من اصل 128).

غير أنّ بعض المرشحين الاقوياء ما زالوا يكابرون ويوحون باحتمال فوزهم لدى انعقاد الدورة الاقتراعية الثانية، مراهنين على تطوّرات داخلية وخارجية، ما يمكن ان تعيد خياراتهم الى ساحة الاستحقاق الرئاسي.

في حين أنّ كلّ المؤشرات تؤكد سقوط "عصرهم الانتخابي"، إذا جاز التعببير، ومن هؤلاء رئيس حزب "القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع الذي عليه العودة الى حلفائه في فريق 14 آذار ليتفق معهم على مرشح بديل له، ورئيس تكتّل "التغيير والاصلاح" النائب ميشال عون الذي عليه هو الآخر العودة الى حلفائه، ولا سيّما منهم حليفه "حزب الله" ليبلغ اليه فشله بعدم التوصل الى اتفاق مع الرئيس سعد الحريري، ويشرع معه في البحث عن مرشح آخر بديل لرئاسة الجمهورية يقبله الجميع.

وإذ يسجّل لجعجع انّه اعلن استعداده لسحب ترشيحه إذا اتّفقت 14 اذار على مرشح آخر، فإنه لم يسجّل لعون بعد اعلانه ايّ موقف مماثل، بل إنّ بعض زائريه يلمسون منه أنه ماضٍ في ترشيحه على قاعدة "إمّا أنا رئيس جمهورية وإمّا لا انتخابات ولا جمهورية".

وإلى ذلك، يقول بعض السياسيين إنّ سقوط "المرشّحين الاقوياء" لرئاسة الجمهورية يستتبعه حتماً سقوط المرشحين الاقوياء لرئاسة الحكومة الأولى أو كلّ الحكومات في عهد الرئيس العتيد، ما يعني انّ المرحلة اللبنانية لم تعد مرحلة الاقوياء.

وفي اعتقاد معنيين بالاستحقاق الرئاسي انّ الشغور في سدّة رئاسة الجمهورية سيقيم طويلاً في كرسي رئاسة الجمهورية لأن لا مؤشرات جدّية بعد على انّ القوى السياسية الداخلية ستتّفق قريباً على شخص رئيس الجمهورية العتيد، لأنّها تنتظر جملة محطات إقليمية ودولية لم ترسُ على برّ معيّن بعد، من المفاوضات الهادفة الى إنجاز اتّفاق شامل بين إيران والدول الغربية على ملفّها النووي،

والتي يتوقّع لها ان تنتهي أواخر الصيف المقبل الى المفاوضات السعودية – الايرانية التي ينتظر أن تبدأ على هامش اجتماع وزراء خارجية دول منظمة التعاون الاسلامي في جدّة في 18 من الشهر المقبل على مستوى وزيري خارجية البلدين لتتوّج لاحقاً بلقاء قمّة اكبر بين البلدين،

وما سيكون عليه موقف العواصم الاقليمية والدولية من فوز الرئيس السوري بشّار الاسد المتوقّع بولاية رئاسية جديدة مدّتها 7 سنوات، وكذلك من فوز الفريق عبد الفتّاح السيسي برئاسة جمهورية مصر العربية،

وكذلك ايضاً ممّا سيؤول اليه الوضع العراقيّ، حيث تدلّ المؤشرات إلى انّ تأليف الحكومة العراقية الجديدة في ضوء نتائج الانتخابات النيابية الاخيرة قد يتأخّر بضعة أشهر في ظلّ تقدّم رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي وحلفائه على سواهم من الكتل النيابية والسياسية العراقية.

وإلى كلّ ذلك هناك الانتخابات الرئاسية المقرّرة في تركيا والتي يحاول رئيس وزرائها رجب طيّب اردوغان ووزير خارجيته أحمد داود اوغلو الفوز فيها ليتبوّأ الأوّل رئاسة الجمهورية خلفاً لعبدالله غول والثاني رئاسة الحكومة، فيما يشنّ فتح الله غولن حملة شعواء عليهما متّهماً إيّاهما بالفساد.

في انتظار كلّ هذه الاستحقاقات الاقليمية، سيستمرّ الشغور الرئاسي، على أمل أن تساعد المحادثات السعودية ـ الايرانية المرتقبة في توفير مناخات لانتخاب رئيس جديد، على غرار تلك التي أتاحت تأليف حكومة الرئيس تمّام سلام.

لكن هل سيطول هذا الشغور الرئاسي عشرة أشهر، مثل التأليف الحكومي، قبل انتخاب رئيس جديد؟