حصيلة التفاوض بين الرئيس سعد الحريري والجنرال ميشال عون حتى الآن راوح مكانك، على رغم كل ما اشيع في الاسابيع الاخيرة عن تفاهم او اقتراب من التفاهم، على إرساء نظرية المثالثة الرئاسية او الثالوث الرئاسي التي اشار اليها عون !
من الآن حتى العشرين من آب المقبل، الذي حدده عون سقفاً لهذه المفاوضات، من الصعب ان نتصوّر الجنرال يستجيب دعوة ١٤ آذار، التي تتكرر، بأن عليه ان يتبنى برنامجها اولاً لكي تؤيده في رئاسة الجمهورية، وفي المقابل صعب ان نتصور الحريري يستجيب الدعوة لانتخاب عون على قاعدة انه صار وفاقياً، وان كل ما قاله من اللياقات في بيت الحريري و"تيار المستقبل" ومسيحيي ١٤ آذار، صار من الماضي ... وأعطني الكرسي و"زحّط" على وزن "أحّط" التي سمعتم بها !
ولأن الفراغ في رئاسة الجمهورية يمكن ان يستمر الى ما بعد بعد بعد آب، لن يبقى الاهتمام منصباً على تلك المفاوضات، بل سيتركّز على ما يمكن ان يفضي اليه الفراغ، الذي لن يقتصر على مزيد من الصعوبة في عقدة رئاسة الجمهورية بل سيفتح الأبواب على أزمة الجمهورية، وتحديداً لجهة نظامها السياسي المنتهك ودستورها المعطّل وسلسلة أزماتها التي لا تنتهي، بغض النظر عن طبيعة هذه الأزمات وعن القوى السياسية التي تتسبب بها، سواء عبر التعطيل او عبر النفخ اخيرا في طوفان المطالب الاقتصادية والحياتية المحق منها وغير المحق، والدولة بقرة متهالكة جفّت ضروعها منذ زمن بعيد، ومعظم اهل الدولة يرتع في نعمة الفساد والافساد !
في هذا السياق قرأ اللبنانيون بذهول كلام عون : "ان الشغور الرئاسي له حدود وإلا توجّهنا الى إعادة تكوين السلطة"، وكأنه تلويح بالذهاب الى المؤتمر التأسيسي الذي اشار اليه السيد حسن نصرالله قبل عامين تقريباً، يوم كان البعض يوشوش داعياً الى إلغاء المناصفة بين المسيحيين والمسلمين، التي ينص عليها اتفاق الطائف الذي صار دستوراً، واستبدالها بالمثالثة بين المسيحيين والشيعة والسنّة، ليصير نصيب المسيحيين الثلث في الدولة بدلاً من النصف ... فاذا كانوا مع المناصفة مثابة أيتام الدولة فكيف بالمثالثة يا طويل العمر ؟
البعض يرى ان المقصود بحديث عون عن امكان التوجّه الى إعادة تكوين السلطة، ان تسمع السعودية تحديداً، التي تحرص على ان يبقى اتفاق الطائف اساس الدستور، فتقوم بالضغط على الحريري وتدفعه الى شرب "كأس البرتقال"، كما أشيع، لمنع الذهاب الى مؤتمر تأسيسي، لكن السفير السعودي علي عواض عسيري يحرص كل صباح ومساء على تكرار القول ان الرياض لم ولن تتدخل في الموضوع الرئاسي !
والاستحقاق يبقى في قبضة معادلة تقول : عون او الورقة البيضاء، عون او الفراغ ... عون او المثالثة !