تحدّث "إيرانيو نيويورك" عن موقف بلادهم من سوريا، قالوا: "نحن لم نطالب ببقاء الأسد. نحن طالبنا بالعمل للتوصل إلى تسوية سياسية ترضي كل فئات المجتمع السوري. وطبعاً لم نطالب برحيله عن السلطة. لكن لن نُجيبك إذا كان بقاؤه شرطاً لنا في المحادثات (غير المباشرة) مع أميركا. الموضوع السوري صعب. هناك أقليات: علويون ومسيحيون وغيرهم. ماذا نفعل؟ هل يُترك هؤلاء للإبادة"؟ علّقتُ: المجتمع الدولي لن يتسامح مع إبادة الأقليات أو لن يسمح بذلك. ثم سألتُ: ألا يمكن فصل مصير الأسد عن مصير العلويين وبذل كل الجهود للمحافظة عليهم وحمايتهم؟ أجابوا: "نحن لم نقل أن مصير الأسد هو الهمّ الأساسي لنا، ما يهمنا هو محاربة الإرهاب التكفيري وحماية الأقليات في المنطقة كلها. دول عربية عدة فرّخت إرهابيين منها العربية السعودية. في مؤتمر "جنيف 2" زار السفير البريطاني البعثة الديبلوماسية الإيرانية في الأمم المتحدة وقال: يجب أن تعلنوا رسمياً موافقتكم على بيان "جنيف 1". فأجابت: لن يحصل ذلك، ليس لأننا نرفضه بل لأننا نتساءل لماذا يُطلب منا هذا الموقف ولا يُطلب من غيرنا أي من كل المشاركين في المؤتمر؟ هل المقصود إذلالنا أم إبعادنا عن المؤتمر أم ماذا"؟ قلتُ: على كل انعقد "جنيف 2" على أنه تكملة لـ"جنيف 1". ويعني ذلك أن الأخير مقبول ضمناً. ثم تابع هؤلاء: "نحن دولة محورية وقوية ولسنا مرتهنين لأي قوة إقليمية ودولية كما قُلت أنت في البداية، وذلك رغم ما تعرّضنا له من حروب وعقوبات متنوعة. نحن على استعداد للتعاون مع الجميع. لكننا لسنا على استعداد للاستسلام. على كل إذا عدنا إلى الحرب الأميركية على أفغانستان في العام 2001 نجد أنه كان في إمكان "الطالبان"، وكانوا حكامها في حينه، أن يبقوا في السلطة لو قبلوا شروط أميركا. ولو فعلوا لما شنت الحرب عليهم وعلى بلادهم.
الأميركيون خلقوا "الطالبان" ومعهم "تنظيم القاعدة" وغيره بالتفاهم والتعاون مع السعودية. هناك في أفغانستان وباكستان وآسيا الوسطى إثارة لمشاعر طائفية ضد الأقليات. وفي النهاية المسيحيون أقليات فيها، والشيعة أقلية طبعاً إذا استثنينا إيران". سألتُ: ماذا عن الحوار النووي الجاري بين المجموعة الدولية 5+1 وإيران؟ هل يسفر عن اتفاق ما؟ أجابوا: "الاتفاق النووي ضروري مع أميركا والـ5+1. لكن نحن انضممنا إلى كل المعاهدات الدولية بما في ذلك معاهدة حظر الأسلحة النووية والكيماوية. إسرائيل رفضت الانضمام إليها. ومصر رفضت الانضمام إليها إلى أن تنضم إسرائيل. لماذا نُعامَل نحن على هذا النحو التمييزي والقاسي؟ كل ذلك خلق انعدام ثقة بين إيران وأميركا. نحن لا نثق بأميركا". علّقتُ: عدم الثقة طبيعي بعد سنوات بل عقود من العداء. لكنه لا يمنع التفاوض أو استمراره، ونجاحه وحده يبدأ في خلق أجواء ثقة تدريجاً. الحروب والنزاعات تقع بين أعداء وكذلك التفاوض. مدَّ أوباما يده إلى إيران وكان صادقاً ولا يزال. على إيران تجاوز عدم الثقة لبدء التفاوض وتالياً للتوصل إلى تفاهم، ومن ثم الانطلاق لحل المشكلات الإقليمية التي أميركا طرفاً فيها وإيران وغالبية الدول في المنطقة. أجابوا بكلام نقدي للسعودية ولدورها في معاناة إيران وحلفائها، فقلت: السعودية تخاف منكم أو بالأحرى تعتبركم تهديداً جدياً لها. لكن أميركا ستطمئنها بعد إعطائها ضمانات. وبعد ذلك يمكن أن تتعاونوا كلكم ومع أميركا لاستقرار المنطقة ومحاربة إرهابٍ يشكّل التهديد الأكبر لكم جميعاً. ردّوا: "نحن دولة لا تسمّينا نظاماً. عندنا حرية وديموقراطية وتعدد آراء. أتى إلى رئاسة الجمهورية رفسنجاني ثم خاتمي فنجاد. والآن أتى روحاني، ولم يكن المرشد الأعلى الولي الفقيه آية الله علي خامنئي مؤيداً لغالبية هؤلاء. لكن هناك احترام للناس. الديموقراطية التي في إيران ليست موجودة في العالم العربي". قلتُ: ديموقراطيتكم مهمة ولا يمكن إنكارها رغم أنها محصورة بمؤيدي النظام الإسلامي الحاكم. فهي لم تكتمل. طُرِحت فكرة بعد تجديد انتخاب نجاد، و"الانتفاضة" الاحتجاجية التي حصلت وقادها المرشحان الخاسران الموسوي وكرّوبي وهما من أهل النظام، تقضي بإنشاء حزبين إسلاميين محافظ وإصلاحي، لكنها لم ترَ النور لماذا؟ لم يُجب "إيرانيو نيويورك" عن ذلك بل انتقلوا إلى الحديث عن إيران فقالوا "إنها حققت الكثير نووياً، علماً أنها لا تريد سلاحاً نووياً لكنها صارت نووية. وعلى أميركا أن تعرف أن في إيران متشددين يرفضون المفاوضات ولذلك عليها أي على رئيسها أن لا يعطيهم الفرصة".
بماذا علّقت؟