كلما تقدّمت المقاومة في السنّ كلما ضاقت مساحة المنتمين إليها وباتت حالة خاصة جداً مغلفة بعباءة طائفية مكبلة لأعضائها وخانقة لفضائها . لن نعود أدراجنا إلى مرحلة التأسيس للمقاومة إنطلاقاً من ندائَيّ الشيوعيين لحظة دخول الاحتلال إلى بيروت بعد فشل ردّ العدوان من قبل منظمة التحرير وأتباعها من أحزاب الحركة الوطنية . أو من لحظة الردّ المناسب على الإحتلال من قبل هويات مختلفة نشط فيها الطائفيون وانهمك فيها بعض اليساريين والتحق بها إسلاميون كانوا على هامش الحرب الأهلية في لبنان .

ولكن لا بُدّ من الإضاءة على تعددية الإنتماء والانتساب للمقاومة من قبل جهويات كثيرة دفعت فواتير الحرب مع اسرائيل وبشرف . لتأكيد وطنية المقاومة وليس فئويتها اللاغية لشركاء فعليين فيها وحتى لا يتحسّس المُتحسسون الطائفيون نلوم وبقوة قوى قائدة في تاريخ المقاومة انزوت لاعتبارات سياسية ومالية نتيجة لتغيّرات طالت البنية الحزبية في لبنان واكتفت بإحياء مناسبة التحرير بيافطة مباركة للطائفية يوم انتصارها على العدو  . كما هوحال الحزب الشيوعي المستقيل من دوره التاريخي كحزب طبقي ومن فعله النضالي في إنجازيّ المقاومة والتحرير..

أعتقدّ أن المقاومة وكلما خُصصت ظلمت لأنها تعكس وجه جهة لبنانية تسقط كل تراكماتها التاريخية على حالة تتسع لمعطى أكبر من المكون التاريخي والجغرافي لجماعة بشرية .. إنتصار المقاومة تحرير لها من قيود حزبية وطائفية ومذهبية ومنحها أبعاد مضامينها الذاتية كمكون لبناني طبيعي غير مسقط أو مستورد تماماً كما يتمّ التعاطي العملي مع المقاومة من قبل لبنانيين يدّعون حزبيتها وطائفيّتها وبعدَيها السوري والإيراني ..

هذا التعاطي مع المقاومة من قبل محبيها وكارهييها جعلها جزءًا من الخصومة السياسية المفتوحة على خصومات طائفية ومذهبية . كان من الأولى أن يحيي اللبنانيّون مناسية التحرير في أنشطة على امتداد الوطن وأن تعكس دورها الريادي في حماية اللبنانيين من خلال حمايتها باعتبارها إحدى الفواعل الوطنية المؤثرة في السيادة والحرية والإستقلال . أعتقد أن من المفيد إحياء أيّام المقاومة والتحرير في المناطق الشيعية ومن حزبيّ الطائفة ولكن من المفيد أيضاً الاحتفاء بالمقاومة في المناطق المسيحية وغير الشيعية ومن قبل أطراف تختلف في السياسة مع صاحبيّ الإنجاز المصادر لصالح الطائفة وبذلك تسقط كل محاولات التشكيك الداخلي بظاهرة وطنية صحية وتسقط مبررات البعض في الوقوف على تلّ التحرير وبالتالي لا يجتهد المجتهدون كثيراً لحيازة المقاومة كما تحاول وسائل إعلامية موجهة تحرص على "حركنة" المقاومة أو " حزبنة " المقاومة بطريقة نافية للآخر وحتى وإن دخل في ذمته أو ملته . وهذا ما يلغي حصر المناسبة بمناسبات حزب الله وحركة أمل وباليافطة الخجولة لمنظمة الحزب الشيوعي فرع " حدادة " .