كتبت النهار : العبور من الشغور في موقع الرئاسة الاولى الى الفراغ في المؤسسات بعدما اعلن اكثر من طرف مسيحي اعتراضه على سير الدولة ومؤسساتها بشكل طبيعي في غياب الرأس، بما يشكل قوة ضغط تدفع في اتجاه انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وفي الوقت نفسه تشلّ عمل المؤسسات الرسمية بما يترجم خوف الرئيس تمام سلام من التأثير السلبي لكل ذلك على عمل الحكومة.

في اول يوم عمل امس بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان، انزلت الصور الرسمية عن الجدران في الوزارات والدوائر الرسمية ليحل الفراغ. وقد دعا الرئيس نبيه بري مجلس النواب الى الانعقاد مجددا في جلسة انتخابية في 9 حزيران المقبل.

واذا كان بري قد حدد اليوم الثلثاء 27 ايار موعدا للبحث في سلسلة الرتب والرواتب واقرارها، علمت “النهار” ان التباينات حول السلسلة لم تؤد حتى الساعة على اتفاق لاقرارها، في ظل مطالبة من “حزب الله” عبر امينه العام وحركة “امل” باقرارها، ما تعتبره مصادر نيابية متابعة للموضوع المالي، بانه مزايدة لا ترتقي الى مستوى المسؤولية، لان كل زيادة غير مغطاة بالكامل تدفع الوضع المالي الى حال تشبه الحالة اليونانية.

والى اللااتفاق على السلسلة، يبرز سبب اخر لتطيير الجلسة وهو شبه اجماع مسيحي على مقاطعة التشريع ودفع المجلس لان يلتزم انتخاب رئيس جديد قبل الشروع في اي عمل اخر، يقابله عدم موافقة الرئيس نبيه بري على عقد جلسات يغيب عنها اي مكون اساسي في البلد.

فقد اعتبر العماد ميشال عون في مؤتمر صحافي امس ان “الشغور في موقع الرئاسة يعني غياب الميثاقية ويجعل من شرعية اي سلطة مشوبة ومنتقصة وسنحجب مشاركتنا عن كل ما هو غير ميثاقي”. وهذا الموقف اكده مساء “تكتل التغيير والاصلاح” اثر اجتماعه واعلانه الامتناع عن المشاركة في التشريع قبل الانتخابات. وقال الوزير السابق سليم جريصاتي ان “لا تشريع ميثاقيا وسدة الرئاسة شاغرة، الا عند توافر مصلحة الدولة العليا أو اقرار قوانين لتصحيح السلطة، ما يعني قانون انتخابات عادل”، لافتا الى ان “الاولوية كانت وستظل لانتخاب رئيس للجمهورية عملا بمقتضيات الميثاق”.

وعن جلسة مجلس النواب المقررة اليوم ، اوضح جريصاتي ان “المطلوب متابعة الاتصالات للتوافق على قانون السلسلة، وحينها يبنى على الشيء مقتضاه”.

في المقابل، عقد المكتب السياسي في حزب الكتائب اللبنانية اجتماعه الدوري برئاسة الرئيس أمين الجميل ناقش خلاله التطورات، واصدر بيانا دعا فيه “الكتل النيابية الى ممارسة الفعل السياسي القائم على وقف التعطيل وتأمين النصاب والاحتكام الى الواجب الدستوري والوطني وانتخاب رئيس للبلاد بما ينهي حالة الخلو القائمة ويساهم في انتظام عمل المؤسسات بتوازن وقدرة. مؤكدا أن “مقاربته لكل الحالة السياسية الراهنة تستند الى الدستور وأحكامه، والى الميثاقية وأغراضها العليا. ومن هذا المنطلق، يتعامل حزب الكتائب مع مجلس النواب كهيئة انتخابية لا اشتراعية، مما يرتب عليه الشروع في انتخاب رئيس للبلاد دون ابطاء ودون مناقشة أي عمل آخر وفق نص المادة 75 من الدستور. كما يقتضي على الحكومة التقيد النصي بالدستور واعتماد سياسة الضرورة وممارسة صلاحياتها وكالة لا أصالة عن رئيس الجمهورية”.

ودعت كتلة “تيار المستقبل” النواب إلى “الاستنفار من أجل التمسك والاصرار على القيام بواجبهم الدستوري والوطني في انتخاب رئيس البلاد قبل اي أمر آخر واليوم قبل الغد”، واعتبرت “انطلاقا من إجماع قوى 14 آذار، ان شغور الموقع الدستوري الأول يعتبر حدثا جللا وهم يصرون على ان المهمة الأساسية الأولى والوحيدة للمجلس النيابي في الظروف الراهنة هي في انتخاب رئيس جديد للبنان مع التأكيد على الحرص على رعاية شؤون المواطنين ومتابعتها والاهتمام بها”.

وعقدت قوى 14 اذار اجتماعا بحث في كيفية التعامل مع الجلسات التشريعية. وافاد مصدر مشارك في الجلسة الى ان “التسوية على السلسلة لم تجد طريقها بعد، والامر يحتاج الى مزيد من الدرس”.

وعلى وقع هذا التأخير، تحركات مطلبية لاساتذة الجامعة اللبنانية وموظفي الدولة ومستشفى بيروت الحكومي، واجتماعات متلاحقة لهيئة التنسيق النقابية لاتخاذ موقف من تأجيل اقرار السلسلة. ولعل ابرز الاجراءات اضافة الى اضراب غدا وبعد غد ، مقاطعة الامتحانات الرسمية اعدادا ومراقبة وتصحيحا.

ودعت نقابة عمال ومستخدمي مؤسسة كهرباء لبنان “جميع العمال والمستخدمين على كامل الاراضي اللبنانية للاضراب وعدم الحضور في مراكز ودوائر المؤسسة الثلثاء 27/5/2014 مع عدم تسلم وتسليم المحروقات وذلك تعبيرا عن رفضها واستيائها لما تضمنه مشروع القانون الخاص بسلسلة الرتب والرواتب والذي طال الحقوق المكتسبة لعمال والمستخدمين مطالبة مجلس النواب اقرار قانون ينصف كل ذي حق حقه”.

واعلنت الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية الإضراب ليومي الثلثاء والاربعاء الواقع في 27 و28 ايار ، في كل كليات ومعاهد الجامعة اللبنانية.

ويأتي الاضراب استنكارا لموقف مجلس الوزراء برفض اقرار ملف التفرغ وعدم تعيين عمداء لوحدات الجامعة اللبنانية.

الرئاسة الاولى

اما ملف الرئاسة الاولى فيبدو انه دخل الثلاجة اذ بعد الخطاب الاخير للسيد حسن نصرالله الاحد والذي حدد فيه مواصفات للرئيس المقبل قد تنطبق على اكثر من مرشح، ولم يتبن بشكل قاطع ترشيح العماد ميشال عون، خرج رئيس “الاصلاح والتغيير” ليتحدث في مؤتمر صحافي ولا يقول شيئا، اذ لم يعلن ترشحه، ولا اخبر جديدا عن مفاوضاته مع “تيار المستقبل” بل لكأنه اراد دفع الملف بعيدا الى الامام لكسب المزيد من الوقت. وهو شجع على اجراء الانتخابات النيابية في موعدها ووفق قانون جديد.

ومما قال : “الشغور في الرئاسة الأولى يسقط الميثاقية، وبالتالي تسقط الشرعية، فتنتفي السلطة”. وتابع: “ستسألونني اليوم عن سبب تعطيلنا لجلسات مجلس النواب، أما الجواب فهو أننا لسنا من عطل مجلس النواب، وتعطيلنا كان نتيجة للتعطيل الذي بدأه الآخر. لم نكن مرشحين إلى الرئاسة، بل كان هناك ثلاثة مرشحين، منهم الورقة البيضاء، وبالرغم من أن هذه الورقة حصدت أكثرية الأصوات، ولكن لم يكن هناك من أكثرية لأي مرشح، يمكننا أن نستمر في التصويت من اليوم حتى 20 سنة من دون الوصول إلى نتيجة، وفي النهاية نضطر إلى التخلي عن المرشحين الثلاثة والإتيان بشخص من الدرجة الثالثة. ما يحصل هو مجرد لعبة، ولا يجوز اللعب بموقع رئاسة الجمهورية وبهكذا مناورات رخيصة”.