في الخامس والعشرين من أيار 2008، حلت ذكرى التحرير لتملأ الفراغ الرئاسي الذي كان قد خلفته انتهاء ولاية الرئيس الأسبق اميل لحود الممدة لثلاث سنوات. وفي التاريخ عينه من العام 2014 حلت الذكرى لتعيد الفراغ إلى قصر بعبدا بعد محاولات فاشلة استمرت شهرين لانتخاب الخلف. ولكن يبقى السؤال لماذا فشلت القوى السياسية طيلة هذه المدة وما هي العوامل التي أدت إلى هذا المشهد؟
دبلوماسي أممي أجاب "النشرة" على هذا السؤال، معتبراً أن الحراك من أساسه لم يكن يستند إلى مقومات اقليمية ودولية راسخة، إنما جاء بناء على خطة مبرمجة لاحلال الفراغ من دون تداعيات تذكر، فالقرار النهائي بشأن المسار اللبناني ما زال على طاولة البحث الأميركية- الإيرانية، وواشنطن لا ترغب بحرمان ايران من المكاسب التي حققتها ولا تريد العودة بالملف النووي إلى الخلف، وفي الوقت ذاته فإن من غير المعقول منحها مثل هذه الامتيازات الاستراتيجية قبل عملية التوقيع النهائي المقررة بين طهران والغرب في العشرين من تموز المقبل، اذا لم يطرأ جديداً يؤدي إلى تقديم الموعد أو تأخيره لعدة أيام لا أكثر، وهذا يعني أن شيئاً لم ولن يطرأ على الوضع اللبناني قبل هذا التاريخ، الا، اذا ارادت واشنطن الضغط على ايران بالوضع الأمني ولكن ضمن دائرة الضبط، على الا يخرج عن السقف المرسوم وبالخلاصة فإن الأمور مرهونة  بالمفاوضات الايرانية الأميركية التي تسير وفق خط سيرها.
ويضيف الدبلوماسي، أن لبنان يشكل ساحة استراتيجية بالنسبة لايران، باعتباره المنفذ الوحيد المتاح لها للدخول إلى أزمة الشرق الأوسط، وإلى البحر الأبيض المتوسط من خلال "حزب الله"، وما يمكن أن يحققه هذا الأخير من ضمانات أثبتت جدواها طيلة العقد الماضي، وأدت إلى تجيير المكاسب الاقليمية لمصلحة طهران، ولذلك فإن مصلحة واشنطن العليا كمنت في الابقاء على الوضع اللبناني كساحة مفتوحة، للضغط والمساومة من دون أن يعني ذلك أن أي منهما سيحقق أهدافه ومصالحه بشكل كامل وغير منقوص، خصوصاً أن اللعبة السياسية تتخذ من لبنان ساحة، فيما الأهداف المراد تحقيقها هي في مكان آخر، أي في اسيا الوسطى والخليج العربي عموماً والشرق الأوسط.
هذا لا يلغي، بحسب الدبلوماسي، مفاعيل التدخلات الأوروبية والعربية بشكل عام، فواشنطن لا تسعى إلى تأمين مصالح الحلفاء إنما مصالحها الخاصة ومصلحة اسرائيل بشكل خاص، بعيداً عن كل ما يشاع ويحاك حول موانع سعودية أو سورية، وبالتالي فلا مانع لديها من اعطاء أدوار ثانوية لفرنسا والسعودية وبعض الهوامش الضيقة التي تجيز "الفيتو" ضمن دائرة لا تتعدى الاطار المرسوم، قثوابت واشنطن واضحة ولا تحتاج إلى بلورة، بل يصح معها القول إن على العرب والأوروبيين الإدراك كيف تفكر واشنطن وماذا تريد لكي يسهل التعاطي معها، وهذا سر يبدو أن ايران تمكّنت من حلّ لغزه بعد عمليات مد وجذر استمرت عقود .
يخلص المصدر الدبلوماسي إلى القول إنه لا يمكن التفكير بأي شكل من أشكال الحلول قبل توقيع الاتفاق الايراني الغربي، خصوصاً أنه ولذلك التاريخ فإن الاستحقاقات في كل من سوريا ومصر تكون أنجزت، ويمكن الركون بعدها إلى سلسلة من المحطات التي ستفرز نتائج سريعة، ليس أولها تطور الحرب على الارهاب ولا آخرها نتائج زيارة البابا فرنسيس الأوّل إلى الأراضي المقدسة مروراً بمشروع السلام بين الفلسطينيين واسرائيل في ظل مواقف متقدمة من المعنيين بهذا الملف.