عاد النائب غازي العريضي الى الواجهة مرة أخرى بعدما قرر النائب وليد جنبلاط منحه دوراً في ذكرى عيد المقاومة والتحرير الذي أقيم في بلدة بيصور أمس. ولكن، كما العادة، لا يبرز العريضي الا في اطار حزبي ملتبس عنوانه هذه المرة تعليق أكثر من 70 ناشطاً اشتراكياً عملهم معيدين عقارب الساعة الى تاريخ
7 أيار 2008
 

يكاد النائب غازي العريضي نفسه لا يفهم ما يدور في رأس رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط؛ أقصاه وزارياً ونيابياً أم لم يقصه؟ أنهى مسيرته السياسية أم لم ينهها؟ سيعيد اليه اعتباره أم يتركه «لا معلقاً ولا مطلقاً»؟ لا همّ، اختار «البيك» هذه المرة أن «يعوّم» العريضي في مستنقع اشتراكي شرس، وفي مواجهة من الندّ الى الندّ مع الوزير أكرم شهيب. أما عنوان الخلاف الآني: عيد المقاومة والتحرير.

بدأت القصة عندما رفضت ادارة «قاعة الرسالة الاجتماعية» في مدينة عاليه طلب ناشطين في «تيار المجتمع المدني المقاوم» إقامة احتفال التحرير هناك. ويقول الناشطون إن النائب اكرم شهيب هو من تدخل شخصياً لرفض طلبهم، فقرروا نقل الاحتفال الى مركز الرابطة الثقافية الرياضية في بيصور، مسقط رأس العريضي. على الاثر، زار وفد من التيار النائب البيصوري لنيل موافقته أولاً، ودعوته الى المهرجان ثانياً؛ فمنحهم «أبو عمر» ما أرادوه وأكثر. وقد تقصّد الاتصال، في حضورهم، بوزير الصناعة حسين الحاج حسن داعياً اياه الى عشاء مبكر في دارته، ليتوجها بعدها سوياً الى مركز الرابطة. لم يكد البيصوريون والاشتراكيون يتبلغون الخبر حتى اشتعلت البلدة والقضاء والحزب وصفحات التواصل الاجتماعي. عاد الجنبلاطيون بالزمن الى 11 أيار 2008، نصبوا متاريسهم ولكن في ما بينهم هذه المرة: هذا من آل ملاعب يؤيد وذلك يخالف، عائلة العريضي منقسمة هي الأخرى وبيصور تغلي. وعلى ما يقوله أحد أبناء البلدة، عصام ملاعب، على صفحته الفايسبوكية: «من تجرأ أن ينسى 11 أيار ومن تجرأ أن يطوي تلك الصفحة بإسم العلمانية والانفتاح، ومن تجرأ أن ينفرد بأخذ قرار مجتمع كامل فليتحمل مسؤولية. لا أحد يملي قراراً على بيصور». وبناء عليه، هدد بعض الناشطين الاشتراكيين شباب «تيار المجتمع المدني المقاوم» بالأسوأ في حال أصروا على اقامة الذكرى... وطبعاً لم يسلم العريضي من التهديد والشتائم. آثر جنبلاط بداية ترك الطابة في ملعب نواب القضاء وقاعدتهم علناً، وبينه وبين النواب من تحت الطاولة. لكن، عند تطوّر الاشكال الى مشادات حادّة بين الأهالي، اضطر الى التدخل علانية. وللمفاجأة وقف «أبو تيمور» الى جانب «أبو عمر»، وأبلغ كل من يعنيه الأمر أن الاحتفال سيحصل في موعده «لا بل أفكر في حضوره شخصياً والعريضي مفوّض بهذا الملف وبموافقتي الشخصية».

رفض اشتراكيون
اقامة احتفال عيد المقاومة والتحرير
في بلدتهم

بات يمكن الحديث عن مرحلتين: ما قبل كلام البيك وما بعده. جال العريضي على مشايخ عائلته وعائلة ملاعب لتهدئة النفوس وتمرير المهرجان بأقل الأضرار الممكنة، الا أن الشباب المتحمسين لم ينصاعوا هذه المرة لأوامر المختارة وتمنيات المشايخ. سريعاً تداعوا الى اجتماع حزبي أول من أمس في المركز الاشتراكي في بيصور، أصدروا اثره بياناً أعلنوا فيه تجميد أنشطتهم في الحزب وهم، بحسب البيان «أكثر من 70 من الرفاق ضد الفوقية والتبعية وضد القرارات المتهورة والتعصب وجر الحزب الى زواريب ضيقة وحسابات شخصية». وغمزوا من قناة جنبلاط مشيرين الى أن بيصور «ليست لعبة لأحد وليست ساحة يلعب بها المتبارون الكبار». وختموا البيان بتواقيعهم. وللمصادفة كانت جميع الأسماء تنتمي الى عائلة ملاعب. بعدها نزع هؤلاء علم الحزب عن المركز، بحسب بعض أهالي المنطقة، واستبدلوه بالراية التوحيدية. وترافق ذلك مع تصعيد على مواقع التواصل الافتراضية، في اليوم نفسه، فعبّر بهاء رفيق ملاعب عن سخطه بتسمية الأشياء بأسمائها ولو كان هذا الاسم هو «وليد بيك»، فكتب: «بالقوة، بالمنيح، بالعنف، بالسلاح، بالدواليب، بالعصيان المدني، بكل الوسائل المشروعة ما رح نمرّقلك ياها غير على جثثنا. كرامتنا أغلى منك ومن الزعران يللي بدك تعزمن، وإذا مفكر إنو بيصور هي الصفحة يللي رح تبيّض فيها وجّ ع ظهرنا بتكون غلطان يا وليد بيك. على جثثنا». وهكذا، برز الخلاف الاشتراكي الى العلن في ظل عدم اهتمام من المختارة التي حضر سيدها الاحتفال مع نجله تيمور أمس، ولا من ابن بيصور الذي استقبل وزير حزب الله بالأرز والورود والولائم مؤكدا اهمية هذا التاريخ ومشيراً الى ارتباطه مباشرة ببيصور «أم الشهداء».
واعتبر جنبلاط ان ذكرى التحرير هي ذكرى وطنية وقومية واسلامية كبرى» وأن «التحرير هو نتيجة تراكم المقاومات التي اتت الى بيروت والجنوب والجبل»، لافتاً الى ان «الخطر الاساسي على لبنان اليوم هو الانقسام في الوحدة الوطنية»، مؤكدا «اننا لا نستطيع ان نتخلى عن المقاومة»، ومشيراً الى ان «التحرير أبقى لبنان عربياً وطنياً من دون أي وصاية»، مشدداً على انه «لا نستطيع التخلي عن المقاومة ولا بد أن تنخرط لتعزز قدرات الدولة».
تقول مصادر الاشتراكي أن جنبلاط تعمّد حضور الاحتفال بنفسه لضمان عدم حصول أي اشكال وتطوره الى ما لا تحمد عقباه، فيما وضع بعض البيصوريين موقف البيك في خانة «بيع موقفه الى حزب الله على حساب ضحايانا». من جهته، لا يستغرب أحد المنظمين أداء المختارة ويردّه الى سلوك جنبلاط «المعتاد في دس الخلافات بين حزبييه أحيانا لتوجيه رسائل صارمة ولو أدى ذلك الى حرد البعض. فالبيك يعرف متى يخرج العصا ويهزها، فيعود هؤلاء كما أن شيئا لم يكن». انتهى الاحتفال ولا بد للهمروجة الحزبية أن تخمد، وها هو العريضي يعود الى الواجهة من الشباك الجنبلاطي بعد أن خرج من الباب يوم استقالته من وزارة الأشغال من دون علم المختارة... الى أن يقرر البيك اقفال الباب والشباك بوجهه مرة أخرى، وهكذا دواليك.