تجتاح لبنان موجة شائعات رئاسية، على عتبة الفراغ المقبل ليل 25 مايو/أيار الجاري. تشاع أقاويل إيجابية عن إمكان تمرير الاستحقاق الرئاسي "على خير"، لتجنّب الفراغ، على الرغم من عدم وجود أية أجواء عربية، أو إقليمية، أو حتى دولية، تواكب هذه الإيجابية. 

يُحكى أنّ اتفاقاً مبدئياً عُقد بين زعيم تيار المستقبل، الرئيس سعد الحريري، ورئيس تكتل التغيير والإصلاح، النائب ميشال عون، ويُحكى أيضاً أنّ عون تمكّن من إقناع الحريري بتنصيبه رئيساً للجمهورية قبل انتهاء المهلة الدستورية بعد 5 أيام من اليوم. سار المتفائلون بتوقيع الاتفاق، وخصوصاً من أنصار عون عموماً، إلى حدّ التبشير بأنّ الجلسة الانتخابية المقررة في 22 مايو/ أيار، ستكون الأخيرة، ويُنصّب "الجنرال" في إثرها رئيساً، ويعود الحريري من منفاه لتسلّم مفاتيح السراي الحكومي ومجلس الوزراء.

دعّم المتفائلون روايتهم بإشارات عديدة، أهمّها الزيارات التي يقوم بها كل من رئيس حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، ورئيس كتلة اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط، للحريري، في باريس. وخلف هذه اللقاءات المتسارعة، رمت بعض المصادر "قنبلة إعلامية" تفيد بأنّ الحريري وعون أسّسا سوياً شركة نفطية سيكون لها ثقلها في ملف النفط اللبناني، بما يعنيه هذا الكلام من استكمال للشراكة السياسية المفترضة (أي تنصيب عون رئيساً)، على الصعيد المالي وعلى صعيد إدارة البلد ومؤسساته وقطاعاته، وأيضاً على صعيد الملف النفطي، وهو العنصر الأساسي في أية تركيبة سياسية مقبلة.

وازدادت قناعة المتفائلين بهذا الاتفاق مع ما نُقل عن جعجع من باريس، عن كون "الحريري طرح ان يكون عون مرشحاً توافقياً". كان لهذا الخبر وقْعه على فريق 14 آذار وعلى أنصار عون وحزب الله، لحين صدور بيان عن القوات اللبنانية، يوم الاثنين، يوضح أن "اجتزاءً إعلامياً حصل" في كلامه عن طرح الحريري أن يكون عون مرشحاً توافقياً. وبعد دقائق من صدور التوضيح، نشرت الدائرة الإعلامية القواتية النص الكامل لكلام جعجع، والذي أتى فيه أنه "تمّ التداول بجميع الأسماء المقترحة للرئاسة، بمن فيها اسم عون".

وتشير معلومات في قوى 14 آذار، لـ"العربي الجديد"، إلى وجود تنسيق تمّ "بين تيار المستقبل والقوات لنفي هذا الاجتزاء الإعلامي"، مضيفة أنّ الحريري لا يزال على موقفه في دعم ترشيح جعجع في الظروف الحالية. والأكيد أنّ اللقاءين اللذين جمعا جعجع بالحريري، نسفا كلياً أية إمكانية لسير الأخير في خيار تبنّي عون. حتى أنه يمكن للاجتماعين ان يكونا قد نسفا بعض النقاط المشتركة، التي تمّ التوافق عليها بين المستقبل وعون. 

تنفّست دوائر القوات اللبنانية الصعداء بعد كل ما أشيع عن التوافق العوني ــ المستقبلي، وعادت الأمور إلى طبيعتها: جلسة 22 الجاري لن تحمل أي جديد حتى الساعة، في إطار تأمين التوافق السياسي والعدد النيابي اللازم، لخرق حلقة تعطيل النصاب المستمرة من أبريل/ نيسان الماضي.

أما الفريق المقرّب من عون، فلا يزال يتأمل خيراً من إمكانية خرق السلبية المفروضة على وصول زعيمهم إلى قصر بعبدا. ويؤكد أحد المقربين من "الجنرال" أنّ "عون لم يعد يمتلك إلا سيناريو مشابهاً لوصول بشير الجميّل إلى الرئاسة"، بمعنى تأمين دعم أصوات نيابية بأية طريقة ممكنة، وتحقيق مفاجأة في جلسة الانتخاب. ويمكن لهذا السيناريو ان ينجح، بحسب العونيين، من خلال العمل على إقناع بعض النواب "الوسطيين" بتبني خيار عون. كيف يمكن ذلك؟ الجواب فقط في الرابية.

تتلخّص الإيجابية في مقارنة الاستحقاق الرئاسي عند تكتل التغيير والإصلاح، بينما أجواء الكتل الأخرى تشير إلى الفشل في التوصّل إلى أية نتيجة ممكنة. يربط المتشائمون قراءتهم بعدم وصول أية رسالة عربية حول الرئاسة، تحديداً من السعودية التي ينقل العارفون عن مسؤوليها الآتي: "نحن غير مستعجلين على أي أمر". يمكن لهذه العبارة ان تختصر الكثير حول الانتخابات الرئاسية اللبنانية، بعيداً عن الطموحات الشخصية لبعض الزعماء أو هواجسهم. وقد يكون في هذا الاختصار معنى وحيد: لا انتخاباتٍ ولا رئيساً جديداً في 25 مايو/ أيار 2014.