ساعات الوقت المهدور يحاول الساسة اللبنانيون ملؤها بسجالات سياسية ودستورية حتى يقضي الضوء الأخضر أمراً كان مفعولاً. بعد السجال حول أحقية تعطيل النصاب وبالتالي الإستحقاق الرئاسي من عدمها، انتقل الإشتباك الكلامي في المواقف إلى موضوع الشغور والفراغ، هناك من يقول أن لا شيء في الدستور اسمه فراغ بل شغور، وآخرون يتمسكون بالميثاق الذي لا يجب بمقتضاه تهميش دور أي طائفة ويعتبرون الشغور فراغاً.

على صفيح الإتصالات والمشاورات داخلياً وخارجياً، ينتظر الإستحقاق، وفي الإنتظار يبدو البطريرك بشارة الراعي هو المستعجل الوحيد لإنتخاب رئيس جديد للبلاد، وبحال لم يحصل، يجهد لإيجاد صيغة مبتكرة تتيح تجنّب ابتعاد المسيحيين عن موقعهم الأبرز في الدولة، أكثر من ذلك، يهمس الراعي بين مقرّبيه حسب معلومات "المدن" أنه لا يمكن القبول بالفراغ في قصر بعبدا، وبحال فشل التمديد للرئيس ميشال سليمان، فهو سيعمل جاهداً لتكريس الفراغ في الرئاسة وليس الشغور، أي عدم السماح بأن تؤول صلاحيات الرئاسة إلى الحكومة والرئيس تمام سلام. 

وفي هذا السياق أفادت مصادر "المدن" أن الراعي سيدعو هذا الأسبوع القادة الموارنة إلى إجتماع في بكركي لحثّهم على إنجاز الإستحقاق أو لقطع الطريق على عدم تسلّم الحكومة مهام الرئيس، لأن في ذلك نكثاً للميثاق، وتهميش للدور المسيحي.

كلام الراعي تضعه مصادر سياسية لـ"المدن" في إطار الردّ على الرئيس سلام، الذي قال "إن الشغور شيء والفراغ شيء آخر، الشغور هو أمر دستوري تعلله المادة 62، وبالتالي بموجب هذه المادة لن يكون هناك شغور"، ويضيف أن ممثلي الطائفة المارونية قد يحولون هذا الشغور إلى فراغ في إطار المزايدات المسيحية المسيحية أو المارونية المارونية.

لم تبلغ هذه المواقف الأوساط السياسية المسيحية، التي تعتبر أن الحديث في هذا الموضوع ما زال مبكراً، مصادر التيار الوطني الحرّ تقول لـ"المدن" إن الموضوع غير مطروح حالياً، ولم نتباحث به، الجواب نفسه تفيد به مصادر القوات اللبنانية. للراعي نظرته المستقلّة. 

مصادر ديبلوماسية رفيعة المستوى قالت لـ"المدن" إن كل الدول المؤثرة إقليمياً ودولياً أبلغت جميع الأفرقاء المسيحيين بضرورة البقاء في مناصبهم ومواقعهم، وشددت الدول على عدم تقدّم أي شخص مسيحي بإستقالته لا من الحكومة ولا من المجلس النيابي، وذلك للحفاظ على الإستقرار وعدم الإطاحة ببعض الإنجازات الأمنية التي تحققت.

في ضوء الإنقسام المسيحي الحادّ، يتحمل المسيحيون جزءا ليس بسيطاً من مسؤولية الفراغ، لأنهم لم يستطيعوا الاتفاق على مرشح، وألقوا بمسؤولياتهم على حلفائهم المسلمين، بحيث ان كل مرشّح منهم غير مستعد للتنازل لآخر، وينتظر موافقة فريق مسلم على التصويت له، وهم المعنيون بحسم هذه القضية لكنهم لم يتمكنوا من الحسم، وهذا ما يصعّب موضوع استقالاتهم لأنه سيتم تحميلهم مسؤولية الفراغ وما سينتج عنه في ما بعد.