مع اقتراب موعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية في الخامس والعشرين من الشهر الجاري، تتصاعد مخاوف البعض من سيطرة شبح الفراغ على قصر بعبدا في ظلّ استمرار الغموض وتناقض المواقف في ما بين الافرقاء، بينما يبدي آخرون ارتياحا ملحوظا بعد تطورات الأيام الأخيرة وأبرزها لقاء مكوّنات أساسية من فريق الرابع عشر من آذار برئيس تيار "المستقبل" النائب سعد الحريري في باريس. بيد أنّ المعلومات التي وردت بالتواتر إلى قيادات أساسية في البلاد تشير إلى إمكانية أن يكون الأخير قد أبلغهم موقفًا متقدّمًا يفرج عن الاستحقاق من خلال سيناريو يحفظ ماء الوجه ويؤدي بنتيجته إلى انتخاب رئيس جديد من دون الدخول في متاهات الفراغ وما يستتبعه من اشكاليات دستورية وارباكات امنية بدأت تطل برأسها من خلال عودة الصواريخ الى البقاع بعد انقطاع استمر ايام، وعبر تسريباتٍ من هنا وهناك عن خطورة الوضع داخل مخيم عين الحلوة بعد لجوء قيادات تكفيرية اليه واقامتهم مع جماعاتهم في احيائه الداخلية.
في المقابل، يعرب المتفائلون عن ارتياحهم لمسار الاتصالات الباريسية التي سيتوجها رئيس الحكومة تمام سلام بزيارته إلى المملكة العربية السعودية وبعشاء رسمي مع الحريري لبلورة المشهد بصورة شبه ناجزة، ويراهنون في هذا السياق على خرق يقولون أنه  سيتحقق على صعيد انعقاد جلسة الخميس المقبل من دون انتخاب رئيس جديد ينهيها رئيس المجلس النيابي نبيه بري بتأجيل الدورة الخامسة الى يوم السبت في الرابع والعشرين، حيث يتحقق الانتخاب بحسب هؤلاء بعد أن تتكثف المشاورات لاخراج السيناريو الذي سيأتي برئيس تكتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون بحسب الاعتقاد وذلك في ربع الساعة الاخير المعروف في لبنان والدول التي تشبهه من حيث التركيبات السياسية بأنه صانع الرؤساء ومحقق المعجزات.
كلّ ذلك يتزامن مع ما كشف عنه مكتب الاستشارات "Middle East Strategic Perspectives" حول التزامات العهد المقبل بتثبيت الهدوء على الجبهة الجنوبية من خلال اعداد استراتيجية دفاعية تلزم "حزب الله" بتطوير التعاون مع الامم المتحدة (الخط الازرق، الخروقات الاسرائيلية والاستمرار بالالتزام بالقرار 1701)، اضافة الى احكام السيطرة الامنية على المناطق الجنوبية كافة (مخيمات، بؤر امنية، تجمعات النازحين، فضلاً عن  التزام سياسي واسع بضرب الارهاب من خلال التأثير على بيئته الحاضنة وضبط الخطاب السياسي والديني، ضرب التمويل ناهيك عن تعهد بحسب ما اشار المكتب باطلاق عملية التلزيم والتنقيب عن النفط والغاز في البر والبحر بعد تخطي العقد السياسية الداخلية والادارية مع التشديد على ضرورة اعادة التوازن لعلاقات لبنان الخارجية من خلال تثبيت ولبننة اتفاق الطائف وتنفيذ بنوده التي تسمح بتطوير النظام على غرار تعزيز اللا مركزية الادارية.
في هذا السياق، تتقاطع مواقف فاعليات وقادة "حزب الله" مع ما تقدم من أجواء وطروحات، فقادة الجزب يصرحون في كل المناسبات بما يتماهى مع هذه الاجواء، بما يعزّز المعلومات حول أنّ التعاطي مع الملفات اللبنانية واتخاذ القرار المناسب منوط بالأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله انطلاقا من المصلحة الوطنية العليا التي تحفط حق المقاومة وموقعها، في وقتٍ بدأت فيه الاتصالات مع المملكة العربية السعودية تثمر بعض الليونة في المواقف المتصلة بسوريا ولبنان، في إشارة واضحة إلى أنّ الاستحقاق لم يعد يراوح في عنق الزجاجة وإن يكن لم يخرج منها بعد.