يصرّ رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع على استمراره في ترشيحه لإنتخابات رئاسة الجمهورية، لا يرى داعياً إلى الإنسحاب. لم يطرأ جديد بالنسبة إليه، في يقينه لا أفق لأي تسوية، لا إقليمية ولا دولية، واثق من حلفائه. يُفكّر في ما بعد الفراغ، يدرس السيناريوهات، كما يضع خططاً دستورية لما بعد إنجاز الإستحقاق، لتحصين الموقع الأول في الدولة و"تحريره من لعبة النصاب الخاضعة لأهواء السياسيين ومصالحهم".  

في معراب، جلس يتابع وقائع الجلسة الإنتخابية الرابعة، يضحك حيناً ويبدي امتعاضه أحياناً، لا سيما من تعطيل الإستحقاق الأهم في الدولة، جلس بين عدد من قيادييه، إلى جانبه النائب السابق فارس سعيد، يؤكد أن حلفاءه خلفه حتى النهاية، عند سماعه أي كلمة عن موافقة تيار المستقبل على ترشيح النائب ميشال عون يضحك باستهزاء، يُردّد "شو بدكم بهالخبرية، شيلوها من التداول، عون غير مطروح إلا من عون".   لم يملّ، بالرغم من واقع مُعقد ولا يُساعده. يقول جعجع إنه مستمرّ حتى النهاية، وهو على تفاهم تام مع حلفائه، الجديد في هذه المتابعة، حضور الفنانة إيليسا لمتابعة الجلسة الى جانب من تعتبره يمثّلها، سرقت الأضواء لبرهة، عاد الصمت في قاعة الإعلام، لا يخرقه إلا تعليقات المرشح الرئاسي.   ما قد يعتبر جديداً أيضاً أن جعجع أعلن قبل أيام عن استعداده للإنسحاب من السباق الرئاسي لصالح مرشّح من قوى الرابع عشر من آذار، كثيرة هي القراءات التي سجّلت في هذا الصدد حول نيته التراجع لصالح مرشّح آخر، هذه القراءات بددها جعجع، مؤكداً أنه مستمر في ترشّحه حتى ما بعد الفراغ. في مؤتمره الصحافي تعليقاً على ما آلت إليه الجلسة، يقول: حزب الله يتحمّل مسؤولية التعطيل، ومن خلفه المسيحيون الذين يعطلون النصاب، نحن لن نتراجع، ولن نخضع لأي ضغوط أو تسوية، لأنهم إذا نجحوا بذلك، يستطيعون بعدها فرض علينا كل ما لا نريده."  

في السياق العام، فرض جعجع نفسه لاعباً أساسياً على الحلبة الرئاسية، وهو ينظر إلى ما بعد الإستحقاق، ومن هنا، فهو عازم على التقدم بإقتراح لتعديل دستوري يقضي بإلزام النواب في حضور الجلسات وأن يكون النصاب بالدورة الأولى ثلثين وفي الثانية النصف زائد واحد وفي الثالثة بمن حضر، وهكذا لن يتغيّب أحد.   العودة إلى الحديث عن اللقاءات بين التيار الوطني والحر وتيار المستقبل، لا تستوقفه، يجزم بأنه عالم بمضامينها وبحدودها، متأكد من أن الحريري لن يدعم عون، يقول لـ"المدن" إن "موضوع اللقاءات أتى بطلب من عون، وبغطاء من حزب الله، إذ قال الحزب لعون اذهب وأمّن الأصوات اللازمة ونحن خلفك"، بالنسبة إليه، "الحزب متأكد من أن الحريري لن يوافق على ترئيس عون، لذلك فهو يستثمر في الوقت الضائع ليفرض التسوية التي يريدها في ما بعد".  

في الإشارات الإقليمية، لا يرى شيئاً جديداً، موضوع السعودية وإيران، ليس فيه تغيير، وعن الدعوة إلى التفاوض يعتبره طبيعيا بين دولتين جارتين، لكنه ليس له أي أفق، وعند سؤاله عن الدعم السعودي له، يجيب لـ"المدن" بأنه ما زال موجوداً، خصوصاً أن مشروعه وبرنامجه يتلاقى مع رؤية المملكة لحماية لبنان من المد الإيراني، ويقول: إن أي اتفاق بين ايران والسعودية، بالتأكيد لن يكون لصالح عون، فهو خارج حسابات الجميع، لا أحد يثق به.   لا مجال للحديث عن أي تسوية في معراب، المعركة مفتوحة حتى النهاية، يشير جعجع إلى أن حزب الله يترك عون في المعركة التي لن ينال منها شيء، الحزب غير مستعجل لحصول الإنتخابات، وعون ليس مرشحه لكنه لا يريد خسارته كورقة قوية بيده، وهو لن يتعب من محاولته من دون جدوى. هنا، يرى الفراغ داهماً، ويشدد على ضرورة مواجهة الضغوطات التي سيلجأ إليها الحزب في الأمن والسياسة لفرض المرشّح الذي يريد، و"لن يخضع ولن يتراجع".  

في لعبة عض الأصابع، يستمر جعجع بترشحه، وهو بذلك يقطع الطريق على عون. بعد نضوج الظروف الإقليمية والداخلية وفقدان عون الأمل، يكون حديث آخر، واللقاء في الإستحقاق المقبل.