ساعات ويعود مجلس النواب لتكرار محاولة انتخاب رئيس جديد للبلاد في ظل أجواء انقسام حاد تؤكد على نظرية عدم اكتمال النصاب وبالتالي ترحيل الاستحقاق الى موعد آخر قد لا يكون الاخير في حال استمرت المواقف الاقليمية والدولية على حالها، وذلك بعد اعتراف المجتمع السياسي الداخلي بأنّ العقدة هي في الخارج وكل ما يشهده مجلس النواب هو تعبير وترجمة لكل الصراعات  الخارجية وتداعياتها على الساحة المحلية.
وبحسب زوار قصر بعبدا، لم يعد سرًا أنّ إتمام الاستحقاق ضمن مهله الدستورية أصبح أقرب منه إلى الاستحالة إسوة بكلّ ما يُشاع حول إمكانية التمديد أو بقاء الرئيس ميشال سليمان في قصر بعبدا بحكم الضرورة، فالمهمّ هو اعتراف الدول الغربية بأيّ خطوةٍ من هذا النوع وهذا ما يبدو متعثرًا في هذا الوقت نظرًا إلى تضارب المواقف، إضافة إلى نية سليمان مغادرة القصر ليل الرابع والعشرين من أيار، أي مع انتهاء الولاية من دون إضافة ولو ساعة واحدة على المهلة القانونية، كما أنّ وجهة الرئيس ستكون إلى مسقط رأسه عمشيت وليس الى منزله في بعبدا في كلام أكده هؤلاء الزوار انطلاقًا من الحرص على الدستور من جهة ولعدم التأسيس لظاهرة جديدة أو لعرف يمكن الركون إليه في سائر المواقع الهامة.
هذا ما يتداوله زوار القصر، غير أنّ الحقيقة قد تكون في مكان آخر، حيث تتحدّث بعض المصادر عن موقف للبطريركية المارونية مع ما تمثله من موقف فاتيكاني عمومًا ومسيحي خصوصًا من شأنه أن يقلب الموازين في ربع الساعة الأخير، لا سيما أنّ انحسار موجة التدخلات لا تقع في مكانها الصحيح، بل على العكس تمامًا فإنّ مرحلة لعب الأوراق بثقلها قد بدأت وستستمر الى حين التوافق الدولي وترجمته على يد الحلفاء الاقليميين، وبالتالي فإنّ موقف المملكة العربية السعودية هو خير دليل على هذا التوجه، فالشروط التعجيزية تبدو في مرحلة كباش وما كلام السفير السعودي علي عواض عسيري حول ضرورة الاتيان برئيس توفيقي واضافة اللازمة التي يطلقها الجميع وهي ان الانتخابات شأن داخلي لبناني سوى أكبر تعبير ودليل على عدم الرغبة في إتمام الاستحقاق إلا بشروط قد لا تنسجم ومصالح الآخرين.
في هذا الوقت، يكشف زوار الرابية عن نشاط متزايد في ما يتعلق بالاستحقاق حتى انهم لا يستبعدون اتمام الاستحقاق قبل فراغ سدة الرئاسة، هذا في حال صدقت النوايا واخلصت الوعود، خصوصًا أنّ الاتصالات الجارية بين الكتل النيابية وممثليها تتخطى ملف سلسلة الرتب والرواتب والتعيينات التي تصدر مع كل جلسة لتحاكي تفاصيل الاستحقاق والشروط والمطالب بغية لبننة الاستحقاق أو بأقلّ تعديل الاتفاق على سيناريو لاخراج الاستحقاقات من عنق الزجاجة الاقليمية.
هذا في الشكل، أما المضمون فإنه يختلف بحسب المعلومات المتداولة في الرابية. بيد أنّ تكتل "التغيير والاصلاح" يعمل على بلورة صيغة للتعجيل في إتمام الاستحقاق طالما أنّ المشهد في المنطقة بدءا من العراق مرورا بسوريا قد تبلور، كما أنّ الاتصالات ناشطة على خط التوتر العالي بين ايران والسعودية وهي اتصالات تترجم التوافق الدولي الاشمل، وبالتالي فانه لا ضير من الدفع باتجاه تلافي الفراغ الذي لم يعد يخيف أحدًا بحسب التعبير إنما هو فراغ معنوي يطال اكثر المراكز حساسية بالنسبة للمسيحيين.