تقترب البلاد من انتهاء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، ويقترب معها الفراغ على مستوى الرئاسة، بالرغم من ان البعض يتحدث عن "فتاوى" هي اقرب الى الغام سياسية تجيز فتح موضوع الاستمرارية في منصب رئاسة الجمهورية ريثما يتم انتخاب الرئيس الجديد. وبهذا المعنى يكثر الحديث عن استخدام اطراف معنيين للفتوى التي لم تعرف حتى الآن ابوتها الفعلية لا التي تتم الاشارة اليها . ثمة من يلصق "الفتوى" بمحيط الرئيس ميشال سليمان، وثمة من يلصقها بالبطريرك الماروني بشارة الراعي من باب مساواة المنصب المسيحي الاول بالمناصب الاسلامية الاولى (رئاسة مجلس النواب، ورئاسة مجلس الوزراء). في كل الاحوال يبدو ان لبنان بلغ حدا صار فيه النص الدستوري مجرد وجهة نظر، فيما يتم تطبيق اعراف جديدة بدات مع "اتفاق الدوحة" ولم تنته مع قراءات رئيس مجلس النواب "الخاصة" في ما يتعلق بالنصاب، والتشريع، بالتزامن مع تحول مجلس النواب الى هئية ناخبة، فضلا عن التفنن في تطيير نصاب الجلسات كتكتيك جوهري في عملية الانتخاب، وليس كاستثناء. وفي النتيجة ثمة خاسر واحد من كل ما يجري الآن هم المسيحيون.
على هذا الاساس يمكن القول ان محاولة "المرشح الشبح" ميشال عون تحميل الآخرين مسؤولية الاستحقاق برمته عبر تعطيله الاستحقاق ما دام لم يتم تأييده من أفرقاء وازنين في المعادلة الاسلامية، فيها شيء من التهرب من مسؤولية رئيس الكتلة المسيحية الاكبر في مجلس النواب. فمهمة الجنرال عون تقتضي ان يفعل كل ما في وسعه من اجل انقاذ الاستحقاق الرئاسي، ومعه المنصب المسيحي الاول في البلاد والمشرق العربي. ولعل في الاشارة الى ان المساواة تقتضي ان يصل الى الرئاسة المسيحي الاقوى شعبيا و نيابيا، مبالغة اذ ان السني الاقوى في المعادلة اللبنانية لم يصل الى رئاسة الحكومة (وهو منصب غير ثابت)، بل وصلها احد اعضاء كتلته، والكل يتذكر كيف ان السني الاقوى جرى الانقلاب عليه في مطلع ٢٠١١ (بمشاركة الجنرال عون) وتم تنصيب سني من دون شرعية شعبية ولا نيابية، ولو كان القياس على القوة الشعبية والنيابية وحده الاساس لكان سعد الحريري وحده رئيسا للحكومة منذ ٢٠٠٥ وحتى اليوم. اما في ما يتعلق بالمنصب الشيعي الاول (رئاسة مجلس النواب) فالحق يقال ان الرئيس نبيه بري شخصية غير اعتيادية ومحورية في اللعبة، ولكنه ليس الاقوى شيعيا لا شعبيا ولا نيابيا، بل ان "حزب الله" هو الطرف الاقوى في المعادلة. استنادا الى ما تقدم، فإن القول ان الاقوى مسيحيا (نيابيا) ينبغي ان يصل الى الرئاسة لتحقيق المساواة بالمسلمين، فيه الكثير من المبالغة التعبوية. وعليه يًنصح ان يسارع المسيحيون وفي مقدمهم الكتلة الاكبر الى العمل معا بجدية لاختيار مرشح مشترك يشكل نقطة تقاطع بين الاضداد، وذلك قبل الخامس والعشرين من ايار، وسيتحول بعده الاستحقاق الى استحقاق خارجي بإمتياز!