قال الباحث والناشط اليهودي الأميركي، المؤمن بـ"حل الدولتين" للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، والمنتقد الدائم ليمين إسرائيل بينيامين نتنياهو، في بداية اللقاء: "لا يزال رأيي الذي تعرفه كما هو. نتنياهو لا يريد حل الدولتين. ولا يرى أي ضغط عليه لقبول هذا الحل. فأميركا لا تضغط عليه، لكنها تتحرك، وتحركها قد لا ينتج عنه شيء. أنا لا أزال على موقفي، وهو ضرورة إقفال السلطة الوطنية الفلسطينية أبوابها، وتحويل الحركة الفلسطينية إلى حركة مناهضة للتمييز العنصري، ومطالبة دولة إسرائيل بحقوق للفلسطينيين، مساوية لحقوق مواطنيها اليهود". علّقت: لكن رئيس السلطة محمود عباس، وقيادات أخرى فلسطينية، لا يحبّذون ذلك. وقد كرر الرفض مرات عدة، كانت آخرها في آخر زيارة له لبيروت، وفي لقاء له مع صحافيين لبنانيين. ردّ: "صحيح ما قلت. هذا هو موقفه، وربما لا يزال متمسّكاً به. لكنني أثرت أخيراً هذا الموضوع، في لقاء معه فوافق على عدد من الطروحات التي قدمتها وليس عليها كلها. وعنده منطلقات لموقفه تختلف عن منطلقات موقفي. اجتمعت أيضاً بقيادات من عنده، وكانت الاجتماعات ثنائية كلها. فحصلت على موافقة كل منهم على الفكرة. لكن هؤلاء كانوا يتهرّبون عندما يُسألون إذا كانوا سيدعمون توجهاً كالذي طرحتُه، أو يَدعون إلى تأييده، وكانوا يعطون أعذاراً وحججاً. يقولون في إسرائيل أن الرأي العام فيها يريد حل الدولتين بأكثرية 70 في المئة. ولكن عندما تأتي إلى السياسة، ترى أن غالبية المواطنين ينتخبون أناساً يرفضون هذا الحل. لا بد من وصول شخصية قوية إلى الحكم في إسرائيل، مؤمنة بدولتها ومصالحها على المدى البعيد، وقادرة على اتخاذ قرار بتنفيذ حل الدولتين. وهذه الشخصية ليست موجودة الآن. لكنني لن أصاب باليأس، وسأستمر في السعي إلى أن أجدها".
سألت: ماذا عن موقف "حماس" من مشروعك، وهو إما حل الدولتين، وإما حل السلطة الفلسطينية؟ أجاب: "التقيت خالد مشعل مرتين. الأولى في دمشق، والثانية قبل ستة أشهر، وكانت في قطر على الأرجح. قال لي: لا نستطيع أن نكون مواطنين في دولة إسرائيل أي إسرائيليين. لكن لا بد من وضع هذا المشروع على الطاولة، ومن شرحه ومعرفة آراء الفلسطينيين فيه، والاستفادة منه إذا كان ذلك ممكناً. ذهبت إلى غزّة منذ أشهر، وأُعِدّ لقاء لي مع إسماعيل هنية، رئيس حكومة "حماس"، صُدِمْت عندما رأيته حاضراً ومعه كل أركان حربه وأعضاء حكومته. في جو كهذا لا تستطيع أن تخوض نقاشاً، أو أن تجري محادثة جدية. طبعاً هنية لم يقل شيئاً طوال الاجتماع، وعندما عرضت مشروعي، رأيت الصدمة على وجوه الجميع. ثم قال الناطق الرسمي باسم الحركة: "كيف تُطلِق مبادرتك"؟ أميركا لن تضغط على إسرائيل، ولا المجتمع الدولي من أجل العودة إلى حل الدولتين، وإسرائيل وشعبها لن يقبلا أن يصبح الفلسطينيون مواطنين في دولة إسرائيل، يطالبون بحقوق المواطنة كاملة. إذاً على الشعب الفلسطيني أن يفعل شيئاً، وهذا ما أقترحه".
علّقت: هذا الأمر حصل سابقاً وفشل. قام الشعب الفلسطيني بثورة مسلّحة أو بكفاح مسلّح، ولكن من الخارج ولم ينجح في تحقيق مطالبه. ثم قام بانتفاضات شعبية في الداخل، ولم ينجح أيضاً. تحرك المجتمع الدولي ومعه إسرائيل، وقالوا نحن نفعل. وبدأت عملية السلام عام 1991. وهي تحتضر الآن. وكل ما سينجزه كيري وزير خارجيتكم الآن، إذا نجح، هو تمديد المفاوضات بين حكومة نتنياهو وسلطة عباس، وليس أي شيء آخر. إذ نسي أنه بدأ سعيه بطرح التفاوض على قضايا الحل النهائي، ثم على اتفاق إطار، وبعد فشله مرتين صار يسعى الى تمديد المفاوضات. فكيف تطلبون في حال كهذه من الفلسطينيين التحرّك، أجاب: "يجب أن يتحرّكوا ولو اضطروا إلى تقديم التضحيات. قمنا بدراسة موَّلتها جهة على علاقة بوزارة الخارجية في دولة النروج، وقد نفّذ الدراسة شخص من آل الشقاقي، بمساعدة فلسطينيين، واستطلعت آراء عشرة قطاعات مختلفة من شعب فلسطين. تركّزت الأسئلة على ماذا سيخسر الفلسطينيون إذا اعتمدوا خيار التحوّل داخل دولة إسرائيل، التي تحتل أرضهم وتصادر حقوق شعبهم، إلى مقاومين للتمييز العنصري؟ فتبين أنهم سيخسرون على صعيد الصحة والتعليم والأمن والاقتصاد. ويعني ذلك طبعاً أنهم سيضحّون. لكن عندهم وبواسطة مجتمعهم المدني القدرة على الصمود والمواجهة". ماذا قال أيضاً عن هذا الموضوع؟