كشف سياسي متابع لملف الاستحقاق الرئاسي أنّ الأمل لم ينقطع بعد من إمكانية الوصول إلى تسوية ربع الساعة الاخير في حال تبلورت الاتصالات الدولية والاقليمية الجارية تحت ستار كثيف من الدخان الرمادي الهادف أولاً وأخيرًا إلى حجب الرؤية عن الدور الغربي في الاستحقاقات الاقليمية التي بدأت مع الانتخابات العراقية وما نتج عنها من توضيح للصورة ومن المتوقع لها أنّ تمر في سوريا ولو أنّ نجاح الرئيس السوري بشار الاسد في الانتخابات الرئاسية بات محسوما لدى دول القرار، وان كل ما يجري على تخوم الاستحقاق السوري تحول الى معركة ارقام وزعامات بعد ان حسمت التقارير الواردة الى مراكز صناعة القرار فوز الاسد لولاية ثالثة مهما حاول المتضررون وكيفما تطور الميدان.
ويعتبر السياسي المخضرم أنّ الحراك الخارجي المتمحور حول الاستحقاق اللبناني يفوق بالأهمية كل الايحاءات الداخلية التي لا تستند اصلا الا على القراءات الخارجية، فصحيح ان المشاورات بشأن هوية الرئيس العتيد شكلت جزءا هاما من قنوات الاتصال السرية بين الرياض وطهران ولكنها اصطدمت بعراقيل غير محسوبة، فايران المرتاحة على وضعها، والتي بدأت جولة جديدة من المحادثات مع المجموعة الغربية في نيويورك وصفها المتابعون بالناجحة، لم تُبد أيّ استعداد للتنازل ولو قيد انملة عن تحالفها الوثيق مع "حزب الله"، وبالتالي فإنّ أيّ طرح يتعلق بخصوص الاستحقاق اللبناني لا بد من مراجعة قيادة الحزب في بيروت بشأنه من خلال الممر الالزامي أي الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله شخصيا أو من ينتدبه لهذه المهمة. ويرى المصدر أنّ السعودية المأزومة في ملفاتها الاقليمية بدءا من علاقاتها المتوترة مع بعض دول الخليج مرورا بالنكسات المتلاحقة التي تلحق بها في سوريا باتت اللاعب الاقل تأثيرا في الملف اللبناني المرتبط بالسوري بشكل وثيق وغير القابل لفصل المسارات اقله في هذه المرحلة حيث التوأمة الكاملة بين النظام و"حزب الله" ومعمودية الدم بينهما، والوصف دائما للمصدر.
ويعرب المصدر نفسه عن اعتقاده بان الثوابت التي افرزتها الاتصالات بشأن لبنان ومستقبله باتت معروفة من جميع اللاعبين كبارهم وصغارهم في ظل سلسلة من المحظورات ابرزها أنه على الرئيس العتيد ان يكون قريبا من المقاومة وغير قابل لمناصبة العداء للنظام السوري حرصا على العلاقات المستقبلية بين البلدين والتي ستفرضها بطبيعة الحال التسوية التي بدأت معالمها تلوح في الافق الدولي والاقليمي بدليل ما حصل في حمص وهو اكبر تعبير عن اتصالات تمت خارج الحدود السورية ومع مرجعيات المسلحين الاساسية وليس معهم، وهذا لا يمنع من ان يكون الرئيس العتيد على علاقة حسن جوار وتعايش مع المكون السني المتمثل بتيار المستقبل.
تبقى العقبة الاساسية بحسب السياسي كامنة في موقف مسيحيي الرابع عشر من اذار كما تكبر علامة الاستفهام حول مصير تحالفهم مع التيار الازرق في ظل المعطيات والمصالح الاستراتيجية لكل فريق منهم، خصوصا ان التسوية الاقليمية والدولية المفترضة لن تتوقف عند الرئيس الجديد بل تصل الى حدود بلورة التركيبة السياسية برمتها اي رئاسات الجمهورية والحكومة والبرلمان، وبمعنى آخر ان يكون الثلاثة توافقيين او عكس ذلك. بيد ان الغرب لم يعد مقتنعا استادا الى تجاربه السابقة برئيس قوي بموازاة رئيس ضعيف فالمعادلة يجب ان تعمم على الجميع من دون استثناءات.