يثير بعض حلفاء تيار المستقبل، كما بعض خصومه، تساؤلات حول حقيقة الحوار او الاتصالات ونتائجهما التي جرت وتجري مباشرة وبالواسطة بين الرئيس سعد الحريري والعماد ميشال عون: فهل هناك اتفاق جار اعداده بين الطرفين تمهيدا لتبني ترشيح العماد ميشال عون، على اسس تفاهم بين تياري "المستقبل" و"الوطني الحر"؟
بعض المصادر القريبة من التيار الوطني الحر تحدثت عن لجان مشتركة بين الطرفين تدفع ايجاباً في العلاقة التي اثمرت انسجاما في مقاربة بعض الملفات الخلافية، كما هي الحال في الموقف من مشروع قانون سلسلة الرتب والرواتب، ومن الاتفاق على تمرير بعض التعيينات الادارية كما جرى اخيرا في مراسيم تعيين خمسة محافظين جدد في جلسة مجلس الوزراء الاخيرة.
لكن ماذا عن الرئاسة الاولى؟ وما هي حقيقة الموقف من الانتخابات الرئاسية التي صارت جلساتها عرضة لتأجيل متكرر بسبب فقدان النصاب؟ من دون اشارة تفضي الى توقع اجراء الانتخابات ضمن المهلة الدستورية اي قبل 25 ايار الجاري؟ وما هي ابعاد الاتصالات التي قام بها السفير الاميركي ديفيد هيل سواء في لبنان او في السعودية؟
الرئيس سعد الحريري، كما ينقل عنه بعض زواره، لم يزل يشدد على موقفه القديم من التحذير من خطر الشغور او الفراغ الرئاسي، لافتا الى ان خطورة الفراغ قد تفتح باب التعديلات الدستورية في ظرف غير طبيعي سيؤدي بالضرورة الى عواقب غير مقدرة.
هذا الحذر من الفراغ هو ما دفع الرئيس الحريري الى الاصرار على المشاركة في جلسات الانتخاب بالحضور والانتخاب والترشح "ايًا كانت نتيجة الانتخاب" حتى لو كان متيقنا ان مرشح الخصم هو من سيفوز. لذا اكد لمن التقاهم اخيرا من القيادات اللبنانية وعلى رأسهم البطريرك بشارة الراعي ان نواب تيار المستقبل لن يتخلفوا عن اي دعوة لانتخاب الرئيس. وهو الى ذلك ايضا ابلغ البطريرك الراعي استعداده لتبني اي مرشح يتفق عليه المسيحيون تحت سقف بكركي.
لكن الحريري ملتزم مع حلفائه في "14 اذار" تبني ترشيح الدكتور سمير جعجع، ولا تغيير في هذا الموقف ما دام جعجع مرشحا. اما التعاون مع العماد عون فهو ايجابي في اكثر من ملف، لكن في الرئاسة يستمر البحث. واذا كان يتفوق العماد عون على الدكتور جعجع في قدرته على التواصل مع معارضيه، فإنه يسجل على العماد عون عدم مبادرته في المقابل باتجاه خصومه المسيحيين.
وفي السؤال حول ما حمله السفير الاميركي الى الرئيس الحريري في السعودية، لا سيما ان ثمة من يتحدث لدى اوساط مؤيدة لعون ومحايدة عن نضوج فكرة وصول العماد عون الى الرئاسة في المساعي الاميركية، ينفي الرئيس الحريري ان يكون السفير هيل قد المح خلال زيارته الى مثل هذا التصور، ويؤكد ان كل ما قاله السفير يصب في مسعى تثبيت اجراء الانتخابات في موعدها واحترام الموعد الدستوري، وأنه لم يأت على ذكر اسماء المرشحين: "لا العماد عون ولا سواه".
يمكن القول بثقة ان الاستحقاق الرئاسي، للمرة اولى منذ عقود، ليس في جعبة النظام السوري ولا يدير السوري عملية الاختيار ولا يؤثر فيها. وليست هناك جهة اقليمية او دولية تعتبر نفسها معنية او مهتمة او قادرة على ممارسة هذا الدور... وهي فرصة لا يريد اللبنانيون أن يلتقطوها ليلبننوا الاستحقاق الرئاسي وينتخبوا رئيسا بإرادة لبنانية.
ازاء هذه المعطيات التي تشير الى مسار يتجه نحو الفراغ الرئاسي... لا جعجع في وارد تأييد عون للوصول الى الرئاسة ولا عون في وارد تأييد جعجع ولا حتى خوض منافسة انتخابية معه. فما هي الاحتمالات التي يمكن ان تطرح في مواجهة الفراغ في الموقع الرئاسي؟تتقاطع مصادر عدة عند احتمالات عدة ابرزها:
اولا: دخول اقليمي دولي ينطلق من فرضية ان اللبنانيين غير قادرين على انتخاب رئيس وبالتالي لا بد من جهد دولي اقليمي لمساعدتهم في عملية الاختيار.

ثانياً: توصل الدكتور جعجع الى نتيجة تفرضها حالة الاصطفاف و"التعطيل" مفادها انه يمكن ان يكون ناخبا قويا، في حال قرر سحب ترشحه للرئاسة. وهذا يحتاج نجاحه الى غطاء من بكركي، يساهم في بلورة تفاهم  معها على مرشح يوافق عليه جعجع ويمكن ان يكون من قوى 14 آذار او من خارجها.