كشف الاستحقاق الرئاسي هشاشة حلف الرابع عشر من آذار واستخفاف الحلفاء بعضهم ببعض وغلبة التاجر على الفاجر وقدرتهم على مسرحة مشاكلهم بطريقة سخيفة عرّت من  الشخصية الثانية في التجمع الذي ولد واستفاق على مصالح بدأت تتفكك عراها وبشكل سريع لتعيد صياغة تحالفات جديدة على أنقاض التحالفات التي بدأ بتدميرها النائب وليد جنبلاط لحظة انسحابه المُشرّف من قيادة 14آذار وتموضعه الزئبقي بين  المختلفين ليحصد جنى اختلافهم في السياسة والسلطة . ان التفاهمات الساخنة ما بين الكتائب والقوّات  على رئاسة مشتعلة بينهم  أكّدت استحالة هدم الهوة بين فريقين متفاهمين في الشكل متخاصمين في العمق وأوضحت سلبية الوضع داخل صفوف 14 آذار بتلامذتها المسيحيين وطلابها الآخرين من تيّار المستقبل . وبرزت العقدة الطرابلسية  كقيد داخلي لرقبة المرشح الدكتور سمير جعجع لاعطاء  التشطي  السًني مزاجه الخاص من موضوع محرج لنوّاب لم يبقوا حتى على شعرة معاوية مع آل كرامي واستفاقوا دغشة في يوم الانتخابات ليتذكروا المرحوم رشيد كرامي وصعوبة نسيان مسؤولية الحكيم عن الاغتيال . في الأمس الأوّل للانتخاب الرئاسي ضاع جعجع مع طحنة المستقبل واتضح حجم الاختلاف بين أبناء الصفّ الواحد وعدم تحمسهم لمرشح من جلدتهم وتفضيلهم لمرشح دسم بحجم صفقة كاملة أو لرئيس مسلوب الارادة خاضع لحسابات سياسية غير مارونية أيّ خارج تأثيرات الطائفة التي يمثلها لأنه مرهون للطائفة التي اعتمدته كدور لمرحلة ولأزمة ومطيع لأمر مولاه . ما يهمنا هنا ليس الاضاءة على مواقف واقفة تحت شمس النّاس وانما تسليط  الضؤ  على جهة  عادت الى رشدها بعد ضياع البصرة وبعد أن أوصلت البلاد والعباد الى مآزق كثيرة نتيجة لغلوها في قراءة الأحداث تارة بعقل غربي أمريكي وتارة بعقل عربي رسمي وثوروي وافد من مناخات الثورات العربية وقد دفعها يأسها السياسي الى القراءة مؤخراً في كفّ المحكمة الدولية والحرب السورية لتحقيق مكاسب على حزب حاصد في لبنان وسوريا . كيّ نُدرك حجم المغامرات السياسية لجهة لو أنّها استدركت قبل فوات الآوان لكان خيراً للبنان ولما دخلنا نفق الانقسام السياسي وببعديه الطائفي والمذهبي ولما حصدنا نار الفتنة المتنقلة والتي أثقلتنا أعباؤها الأمنية والاجتماعية وأكلافها الباهظة . لقد دخل المستقبل خيار السلم مع حزب الله وأراد المشاركة من موقع الخسارة مع الحزب الرابح والالتزام بشروطه في الحكومة وخارجها كما في الرئاسة لهذا باع جعجع بثمن بخس وجماعة الرابع عشر من آذار بصفقة رابحة للرابحين ومًخسّرة للخاسرين . شأن الضعيف أن يرضخ وشأن القوي أن يفرض شروطاً تصنع مصالح بحجم الكبار لا أحلام بحجم الصغار .