طنين كذكور النحل يضجّ في مجلس البيان الوزاري لمنح الحكومة ثقة مجانية ممن أتاحها وأنتجها كي تواكب مرحلة سياسية مهمة- رغم أن كلّ الحكومات كانت توصف مراحلها بالمهمّة الصعبة – وتكون شاهدة على خراب البصرة وضياع ما تبقى في لبنان من أمن مستعار وهوية وطنية ملزقة بعد أن مُلعت ومُزقت أكثر من من مرّة على أيادي مزوري الهويات في لبنان . خطباء الكتل ماشاء الله حدث ولا حرج عن نوّاب يتقنون فنّ المدح والهجاء بحسب أوامر زعماء الطوائف ويتقنون التلون مع الألوان فمن الأصفر الى الأزرق بعد سواد فاحم وقاتم وباتو أثرياء في اللغة بعد أن تدربوا في المجلس الذي أتاح لهم دورات دائمة في فنّ الخطابة وخاصة أولئك النوّاب دائمو الحضور في المجلس وكأن بطون الطوائف لم تنجب غيرهم لأنهم عباقرة زمانهم وماركات عالمية من صنع خاص وبمواصفات عالية الجودة . خطب وخطب وخطب اتحفوا بها اللبنانيين المتسمرين خلف نعوش شاشاتهم الطائفية المُحرضة لهم على القتل أحايين كثيرة وعلى التحابب المصطنع في أوقات الشدة والضرورة الطائفية . لقد أبهرني رئيس كتلة كان يقصف بمدفعية من عيار ثقيل على جهة آذارية طيلة سنوات فتنة السلطة عندما وقف خطيباً مفوّهاً في سوق عُكاظ النيابي داعياً الى شراكة فعلية لا تشوبها شائبة وآثارني أيضاً يعسوب كتلة  -ذكر نحل - لا يعرف سوى الطنين وينتظر عسل ما تُجنيه النحلات ليأكل عسل السلطة دون أن يبذل جهداً أوأن يسعى في القيام بدور يقربه من اله السلطة زُلفى . لا أعرف مجلساً للتشريع لا يمارس التشريع بل يهوى التشييع ولم أقرأ عن سلطة مستقيلة من دورها الأساسي ومتفرغة للخطابة والتصفق والشتم الاّ في هذا الشرق المقفل بقفل العقل الاسطوري . من الصعب أن تستسيغ طبقة سياسية لالون لها ولا رائحة سوى رائحة الفساد والافساد ومن الصعب أن تجاري المغفلين في غفلتهم فتقع معهم في جورة من جور الطوائف ومن الصعب أن تهتف مع الهتّافين لغياب ما يشعرك بأنك مواطن في وطن ومن الصعب أن تشتم حين تأتي التعليمات بالشتم والسبّ والبراءة من المشركين بمنطق طائفة وتمدح وتُثني وتصفق وتخطب حين تأتي الأوامر بذلك من ربّ الطائفة أو المذهب أو الجهة المتحكمة بمعونتك الشهرية . لوكان اللبنانيّون يتعظون من تجاربهم لكانت مسرحية الحكومة في المجلس النيابي ماءًا تغسل وجوههم لتبصر أعينهم التي تقذف شرراً طائفياً وقلوبهم الحاقدة مذهبياً أن السياسة لا دين ولا مذهب لها ولا ربّاً انها لعبة الباحثين عن مصالحهم لتضخيم ثرواتهم المادية والمعنوية . أعرف تمام المعرفة أن هذا الكلام لا يرضي العصبيات الطائفية ولكني محكوم بالكتابة بحثاً عن مستقبل آمن لجيل قدّ يأتي على غفلة من الزمن لبناء ماهدّمته آلة القتل والحقد والكراهية في لبنان .