لا أحد من اللبنانيين يستطيع أن يهضم بيان النيل من شخص رئيس الجمهورية انطلاقاً من الحرص على أخلاقية خلافية يحتاجها المختلفون اللبنانيون للتعبير عن تنقضاتهم بطريقة غير تطاولية ورزينة منسجمة مع أدب الاختلاف وحرصاً منهم على عدم المسّ بقياداتهم المنزهة عن الاساءة اليها ولو باشارة أو باصبع ادانة . ان ما حصل من فعل وردّ فعل بين الرئيس سليمان وحزب الله كان في دائرة الجدل السياسي القائم بينهم في مواضيع وعناوين اختلافية كثيرة داخلية وخارجية . لولا البيان الذي جرّح بشخص الرئيس في الوقت الذي يتطلب الأمر موقفاً مديناً للموقف لا للشخص لأن وسيلة التعبير عن الاختلافات الموضوعية يجب أن تكون مندفعة نحو المواقف السجالية وغبر متهكمة للأشخاص ومهما كانوا . لقد خيضت حروب في لبنان ومات الكثيرون نتيجة للنيل من رموز مؤثرة في الحياة اللبنانية . لنفترض أن هناك من طال من شخص يملك حظوة طائفية فهل يتمّ السكوت عن الجهة المُعنفة للشخصية الطائفية ؟ أم ستحرق ما تبقى من أشجار وطنية وتقطع طرقات وتخاض حروب ضروسة يذهب بنتيجتها الكثير من اللبنانيين والتجربة اللبنانية خير دليل على صحّة القول بالفعل المجنون لو أن هناك من نال من زعامة فوق النقد .لهذا ندعو الى اختلاف محفوف بقيم الاختلاف نفسه ودون التطاول الشخصاني لأن ذلك يفرّغ الحياة السياسية من محتواها الايجابي ويدفع بالجميع الى تعاطي سياسي سلبي قائم على السبّ والشتائم . كان من الأفضل الردّ على الرئيس ببيان أو بموقف سياسي مسؤول يعترض على موقف الرئيس ولا يلغي حقّه في الاختلاف مع أيّ موضوع داخلي أو حارجي لأن ذلك يؤسس لطريقة في التعبير عن الاختلاف يستفيد منه الجميع لأن أيّ تطاول هنا سيقابله تطاول هناك ولا يمكن ايجاد قاعدة تبريرية تعطي حقّ التطاول لجهات دون جهات أخرى . ما حصل من شباك لفظي بين خشب الرئيس وذهب الحزب وضع موضوع حسّاس في زاوية طائفية ضيقة وهذا ما يسهم في مضاعفة الشعور المسيحي بالوهن ويدفع بهم مجدداً الى البحث عن سبل القوّة لحماية حصتهم السياسية بواسطة قوّة الطائفة المسلحة . لقد اندفع المندفعون من أهل الطوائف الى النيل من الرئيس  والى التنديد بالحزب أيضاً بطريقة فيها ادانة للتربية السياسية للبنانيين حاقدين على بعضهم البعض وكارهين لأنفسهم بطريقة مخيفة لا تبعث على الاطمئنان وتضع لبنان على شفير حروب الرابح فيها خسران ولن يحصد سوى الخراب والدمار .. وهذا الشعور الطائفي المستعر اسوأ بكثير من أولئك الانتحاريين الوافدين من هذه العقلية المدمرة للحياة .