فاجأ حزب الله الكثيرين من المهتمين بالاصابة الاسرائيلية لهدف عسكري مهجور على الحدود اللبنانية - السورية ,عندما حدّد ردّاً  غير مُحدد على عدو لم يعد أولوية بعد أن دخلت المنطقة العربية أزمات الثورات التي هزّت بُنى سلطوية سادت لأكثر من أربعين سنة . ثمّة من وجد في بيان حزب الله بعد يوم من الضربة الاسرائيلية ممالأة واضحة للبيانات العربية الممهورة بتواقيع معروفة ومختصرة تعطي الدولة العربية حقّ الردّ في المكان والزمان المناسبين على الدولة العبرية وحتى الساعة لم تحن بعد الفرص العربية المؤاتية لمثل هذا الردّ الموعود . طبعاً حزب الله يردّد ولكن ليس بلسان عربي أيّ أنّه يعي تماماً أهمية القول المقرون بالفعل لذا أعلن التعبئة في صفوفه تحفيزاً لمعركة مفتوحة ولكن في مكان آخر أي خارج الكيان لأن مايجري في سورية ردّ مباشر على العدوان الاسرائيلي الذي آغارت طائراته على هدف لبناني ولكن بنية وأبعاد سورية ولصالح حسابات سورية لأن لبنان أمسى خارج سياقات الصراعات القائمة في المنطقة وهو مجرّد حالة متفاعلة مع الأزمة والحرب السورية ومن موقع المساهمة المباشرة لا من موقع المتفرّج على أحداث حاصدة في سياساته الداخلية وفي صيغته الميثاقية . من هنا يبدو الردّ ردّاً من الرقعة السورية نفسها امّا مباشرة, أو من خلال منطقة القلمون ويبرود تحديداً , لأن الخارطة السورية موصولة بأمن اسرائيل وبناءًا عليه تصبح المعادلات السورية ردود واضحة على العدوان الاسرائيلي وعلى دور اسرائيل في الحرب السورية , بالتأكيد لا يمكن فتح جبهات جديدة وهذا ماتجنّبه حزب الله مراراً عندما دعا الآخرين الى ملقاته في سورية لقتاله هناك ,وهذا ما يدفع حزب الله الى ملاقاة اسرائيل في سورية لقتالها هناك لحصر المعركة في جبهة تتسع لأكثر من جهة ولأكثر من عدو . لقد عبّر حزب الله عن استراتيجية جديدة للمقاومة قائمة على جغرافية جديدة بعد أن توسّعت رقعة المعركة وبات الاستهداف يطال مصالح على مستوى سياسات المنطقة ولم يعد الموضوع مرتبطاً بطمع اسرائيلي في جنوب لبنان , بل دخل منظومة محاور جديدة تتدافع  دولها وبكل امكانيّاتها للتحكّم بسياسات منطقة الشرق الأوسط. لهذا نحن في حرب مفتوحة على حسابات كبيرة تتجاوز حدود اللعبة اللبنانية ومتطلبات الأمن الاسرائيلي ومعايير الردّ المفقود , لأن الوضع أكبر بكثير من فعل وردّ فعل , وعليه تُبنى خارطة مصالح جديدة كل يبحث فيها عن دور متقدّم  ومتحكّم بسياساتها الاقتصادية والأمنية والاستراتيجية .