سعيَ المستقبل الدؤوب نحو السلطة  ومهما كانت الظروف ,حَبَسه في سجن الحسابات السياسية الخاطئة وحوله الى آلة تعمل وفق شروط البقاء في السلطة , حتى لا يغدر فيه مرة أخرى من قبل الأصدقاء ,وأفرقاء مسيرة الأرز .
مشكلة تيَار المستقبل أنَه سلطوي وغير معتاد على المعارضة بل هو يكرهها ويبغضها ومُهتجس منها مثله مثل النخب السلطاوية في الشرق , حتى أنَه يحذرها ويهابها ويعمل على لجمها فى داخل البيئة التي صادرها في لحظة بحث طائفي مضنى عن زعامة مماثلة للزعامة الطائفية الأخرى وخاصة في صيغتها الشيعية . لذا وبعد شهادة الرئيس الحريري نزع الوارثون منزع السلطة القابلة للتنازل عن كلَ شيء ضمانة للاحتفاظ بكرسي الرئاسة الثالثة فكان أول البيع في سوق الأحزان الاتفاق الرباعي حيث تمَ التنازل عن رحابة الشعارات التي ضاقت بها ساحة الشهداء ,  وصعد الحريريون سُلُم الرئاسة على درجات كبيرة من التنازلات الأساسية في عناوين فاقعة من الدم الى الدولة . وبعد معاشرة ومساكنة سيئة بين المتحوكمين في حكومة الرئيس السنيورة والمؤدية الى 7أيَار نتيجة لدعسة ناقصة من شوفير سيَارة الحكومة وبوسطة 14 آذار السائق الاستثنائي الزعيم وليد جنبلاط . فرط العقد الحكومي من جيد المستقبل , وكان اتفاق الدوحة فرصة لعودة السلطة لعشَاقها وأسَس سعد الحريري من خلالها تجربة غير ناجحة سرعان ما لفظته بعد أن أختارت جماعة 8آذار اللحظة المناسبة للتخلص من عبء شريك متعب في مرحلة يعا فيها صياغة السلطويات العربية وفق هندسة سياسية جديدة . لقد أبكت الحكومة الميقاتية عيون كثيرة في المستقبل , ولم تفلح جماعة 14آذار من لعب دور متقدَم في المعارضة لآنها غريبة عن القُماشة الحريرية , وأمسى المستقبل خارج السلطة مجرد ضرير لا يستهدي درباً ينجيه مع عذاب أدوار المعارضة . لقد فضحت الحرب السورية تيَار المستقبل عندما بدا منزوع الامكانيات في حرب من شأنها اعادة ترتيب التوازنات الطوائفية والسياسية وفق الجديد السوري ونجحت جماعات اللحى في ملء فراغ المستقبل في الداخل اللبناني وفي مواجهة جماعة 8آذار عموماً وحزب الله خصوصاً وفي الداخل السوري أيضاً من خلال المساهمة المتعددة الوجوه والأشكال . الأمرالذي قدّم من السلفيّات السُنية وآخر من أعتدال المستقبل المتفرج والمنتظر لفرج يأتيه من الخارج وون أن يحرك ساكناً في مرحلة لايسيطر عليها الاَ لاعبون قادرون على آخذ المبادرة والامساك بها لتحسين شروطهم السياسية .
من هنا شعر المستقبل بخوف يفقده مكانته في طائفة جانحة نحو التطرف فرمى نفسه مجدداً في أحضان السلطة ورغّب حزب الله في مرحلة محاصرة له من الداخل من خلال الانتحاريين ومن الخارج من خلال الحرب السورية ومطرقة المحكمة الدولية واشتداد العزلة العربية عليه . فهبّ الحزب هبّة الرجل الواحد لتشكيل حكومة جامعة ومحاصصة سنياً وشيعياً من خلال الحقائب الأساسية, ومن خلال العمل على خطين أساسيين أولهما مقاومة الارهاب وثانيهما التفاهم على رئيس للجمهورية . لا شك بأن العرّابين للحكومة قدّ انتهزوا فرصة ثمينة لتحقيق استقرار يخدم مصالح سياسية ويريح اللبنانيين من آتون طائفي محرق للطائفتين ومُسقط لوثيقة الاتفاق الوطني . لكن ورغم الايجابيات في التفاهم الذي نريده قناعة لا حيلة , يبدو أن الأمن قد تجاوز الوضع السياسي وما عاد اتفاق حزب الله وتيّار المستقبل أو 8و14آذار بقادر على دفع عجلة الأمن في لبنان الى الأمان , لأن الأمن أمسى مصدراً من مصادر الصراع الدائر في المنطقة بين دول اقليمية وبرعاية دولية . وعليه فان تيّار المستقبل نفسه وجماعة 14آذار اصبحوا في دائرة الاستهداف من قبل الارهابيين على اختلاف تسمياتهم , لأنهماختاروا وفي اللحظة الغير مناسبة بالنسبة للجماعة الملتحية الدخول في حلف على حساب الصراع الدائر في أكثر من ثغر وخاصة في الثغرين  السوري والعراقي .من هنا يبدو أن معضلة الأمن ستتضاعف على ضؤ الحكومة الجديدة ,وجاءت العملية الانتحارية المزدوجة أمس دلالة واضحة على أستعدادات تشكيلات الارهاب للنيل من اللبنانيين جميعاً دون استثناء وخاصة من الأطراف التي جنحت الى التسوية في أوقات محرجة .