تبدو المقاربة الشخصية واهنة لاعتبارات عديدة متَصلة بالتجربة والمقوَمات والحوافز والقدرات الذاتية اضافة الى العنصر الحزبي والمقاومة والظروف المُسهمة في تعزيز الدور الشخصي وفي الامكانيَات المبذولة من الأمن الى المال  لتضخيم البعد المعنوي لشخصنة تتجاوز حدود الدور البشري في حالة من الاسقاط الديني على الرمزية الفردية لاعلائها الى مستويات ومصاف بعيدة عن ادراك العامَة من النَاس . اذاً نحن أمام واقع توصيفي لقيادتين ممسكتين بزمام الأمور في لبنان وقادرتين على وضع الطائفتين الأساسيتين في لبنان في مهبيَ الحرب أو السلام. وبغضَ النظر عن التأثيرات الخارجية الملزمة لهما في كثير من الأمور . الشيعة وفي أغلبيتها محكومة لقرار قيادة حزب اللة والمتمثلة بأمينه العام كما أن الطائفة السُنيَة وفي أغلبيتها محكومة لسقف سياسي متصل بتيَار المستقبل والمتمثل بشخص الشيخ سعد الحريري . وقد تبين للقاصي والداني أن المصالح  المنفردة التي قادت وفرضت على كلَ من السيَد والشيخ الاعتراف المتبادل بدورهما بعد خطابات وسَعت من الشقَ الخلافي بين تيَاريَهما .قدَ دفعت بالاستحقاق الحكومي الى الأمام وعلى قاعدة الضرورة في الشراكة الكاملة وغير المنقوصة لحزب الله وتيَار المستقبل . وقد تمَ ذلك ودون الرجوع الى أحد من اللبنانيين المسؤولين والوازنين في جبهتي 8و 14آذار . وكأن السيَد والشيخ باستطاعتهما ألغاء الآخرين وعدم استئذانهم في موضوعات استحقاقية طالما أن القرار وسواء أكان طائفي هو بيد السيَد الشيعي والشيخ السُني أو سياسي فهو أيضاً عند الشخصيتين المذكورتين ودونهما يصعب الوصول الى حلَ ما في الحكومة أو في الموضوعات الأخرى من قبيل الاستحقاقات الدستورية . لقد بالغ من بالغ في عداوته لسعد الحريري وتمَ النيل من شخصه ومن تيَاره واعتبروه عبداً من عبيد الملك السعودي وفي اللحظة الساخنة تنبسط الأيادي والألسن كلَ البسط لسعد الحريري كونه المنقذ والشريك الحقيقي في المحاصصة السياسية وفي التوازنات الطائفية والمحورية الداخلية والخارجية . كما أن من كان ومازال يدفع  بلبنان الى المجهول ويسقط الدولة في حفرة الدويلة أمسى لسعد الحريري الشريك الذي لابُدّ منه والمنافس المحاصص للسلطة وبكل مضامينها . أمام اتفاق السيَد والشيخ تسقط كل الشعارات الجديدة والقديمة ويتحوَل الصعب الى سهل والخائن والعميل الى شريك ضروري ويتناسى الجميع السنين التى أحرقت البلاد والعباد بفعل الخلاف في الرأيَ والدور والموقع والمشروع وكأن الخراب والدمار وما أتاحه الانقسام السياسي من ويلات أشياء طبيعية لا تهتزَ لها فرائص قيادات لا تعر أهمية لأوجاع الناس وويلاتهم ومصائبهم ولا تهتمَ بما وصل اليه لبنان من افلاس سياسي وأمني واجتماعي واقتصادي . ان مناسبة اغتيال الرئيس رفيق الحريري أكَدت قدرة الشيخ سعد الحريري على الحشد السياسي والشعبي من خلال التزام طرف كامل طائفي وسياسي في المواقف السعدية دون اعتراض أحد ومهما قال الاخرون في سعد الحريري من جهابذة 8آذار فان الرجل الوافد الى السياسة من الوراثة الحريرية يمثل نصف اللبنانيين وهو الشريك الفعلي ولا يوجد حيث يقف من باستطاعته التشكيك بقدرات الحريري رغم التفريخ لأعداء له داخل الطائفة السنية وخارجها فلا المال ولا الدعم المحلي والخارجي كان قادراً على زعزعة سلطة سعد الحريري في السياسة الطائفية والوطنية فأين هؤلأ الذين ينعمون بنعيم الدعم في مواجهة حريرية تيَار المستقبل ؟من رجال دين وسياسيين وأحزاب تظنها من ضخامة أسمها أنها تستحوذ على أدوار قيادية وطليعية في الوسط السُني . لقد ربح سعد الحريري معركة الطائفة السنية من أخصامه في جبهة 8آذار فلم يتقدم قياديَو 8آذار من حلفائهم الوهمين في الشارع السُني لتركيب حكومة لأن شرعية التمثيل السُني محصورة بمستقبل سعد الحريري لا بأحد ممن تغدق عليه أموال قارون لتحصيل مقبولية سُنية تتلطى بعباءتها قوى 8آذار . ان خطاب سعد الحريري في ذكرى والده مستند الى شرعية سياسية وطائفية محلية وخارجية وفيه تعزيز لمنطق السلام والاعتدال وجاء حضوره وبمستوياته كافة كفَة الميزان في التوازن السياسي والطائفي وهو قادر على اختزال جهويات سياسية وطائفية في حين أنَ أحداً لم يستطع ألغاؤه من الساحة الوازنة من الأقربين والأبعدين . لقد قال سعد الحريري كلمته : تيًار المستقبل ليس على صورة حزب الله ولا على صورة النصرة وداعش والقاعدة وأنَ تيَاره تيَار العلم والحرية والسيادة وليس تيَار السلاح المشهور بوجه الداخل اللبناني والخارج السوري . اضافة الى دعوات شيعية لمعتدلين غير موجودين نتيجة لأسباب كثيرة ومن بينها خذلان المستقبل لها في التسويات كما حصل في الاتفاق الرباعي . المهم أن سعد الحريري ميَز حزبه وطائفته عن حزبية وطائفية حملة السلاح وهذا سجال سيبقى مفتوح مع حزب الله ومن المؤكد أنَ السيَد سيرد حيث وجُب الردَ وسيمدُ اليد حيث تتطلب المصافحة ذلك أيَ أن السيد سيقول ماقاله الشيخ ولكن من موقع مختلف . وأن كلُ ما قيل لن يلغي من قدرتيَهما على فرض الحلول والتعاطي معها كل بحسب حاجته وكل بحسب مصلحته ريثما يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود في سورية .