ماذا تبقى لنا غير البُصاق على كل شيْ بعد أن دخلنا غابة الاسمنت خوفأ من انتحاريَين أو من عبوة ناسفة أو من سيَارة مفخخة أو من هجوم لمجانين من صنع مشايخ الله ومذاهب الاسلام وطوائف السلطة وزعماء الثروات الذين بنوا دويلاتهم على أطلال الدولة التي شهدها مرَة اللبنانيَون رغم مافيها من عيوب وغابت عنهم بعد حرب أحرقت اخضراره ونهت دوره في منطقة محكومة بأنظمة مملوكة للرؤوساء وعصَيانهم من جيوش ومخابرات . في العودة الى لبنان الكرامة والشرف الرفيع لبنان المقاومة والتنمية والمستقبل والرابية ومعراب وجبل النضال والشعارات الوطنية والقومية والاسلامية والزاحفة يوميَاً الى فلسطين بعد المرور الطوعي في طهران والرياض وعواصم أخرى تحفر مصالحها عميقاً في تراب الأحزاب في لبنان   وفي العودة الى لبنان المتخم بالخطابات الرنانة والتصاريح التي تهزَ أمنه يومياً والشاشات التي تبُث سمومها كل يوم في الجسم اللبناني والصحف التي تطبع  صفحاتها بدماء اللبنانيين لا بالحبر ويتباهى بكوات الأقلام بدعم التومان الايراني او الريال السعودي لهم  ويتبون ما يسهمون فيه بتعزيز فرص الموت بين اللبنانيين وفي العودة الى لبنان السماسرة من اهل السياسة من الذين أسهموا في خراب أمنه وافلاسه ومضاعفة مديونيته وقتل كل مافيه من أمل مازال يأتي خلسة بعض اللبنانيين في كوابيسهم اليومية . وفي العودة الى لبنان المفلس والشباب الضائع وتفشي ظواهر الدعارة والمخدَرات والآفات الاجتماعية . لبنان المنكسر على نفسه والضائع بين رهانين أولهما انتحار وثانيهما شنطة بأيدي تُجَار .. وماذا تبقى منه بعد أن بيع في أكثر من مزاد علني ؟ منذ ان حُمل عبء القضية الفلسطينية وبعد أن وُضع في حسابات سياسية استراتيجية مصَت دسمه وجعلته عظمة منخورة في أفواه كلاب جائعة . ماذا تبقى من لبنان ؟ سوى الاحتقان والاحتقار الطائفي والمذهبي والشرخ السياسي المفضي الى تعطيل شكل الدولة بعد أن دفنوا جوهرها فلا حكومة ولا حكم مركزي والرئاسة مفتوحة على الاجازة الحكومية وباعة الدولة يتحاصصون وعلى عينك ياتاجر بضائع السلطة والمواطنون يتغنون بمواقف أحزابهم وطوائفهم ويندفعون قتالاً في سبيلهم وسبيل أصهرتهم ونسائهم وأولادهم ويرفضون فطمهم عن وزارة أو نيابة أو مسؤولية وهبها النظام الطائفي لهم . وما كان ينفصنا في لبنان هو خنقنا بتطويق حياتنا في السلاسل والحواجز والطرق المقطوعة وتحويل الشوارع العامة الى زواريب بحيث أن دولاب السيَارة لا يتحرك الا كلَ ساعة اذا ما أردت دخول الضاحية أو أردت تجاوز حاجز من الحواجز المعطلة للحياة تصوروا أن الصعود الى الجنوب أو النزول الى بيروت أمر شاق ومتعب ومقرق ويجعلك تبصق على نفسك أولاً لأنك لبناني وعلى البلد الذي تتحكم فيه قوى تقرض عليك سلوكاً معيناً ونمطاً معيَناً وهي من تُحدد لك ممراتك وأوقات نومك ويقظتك وهي التي تختار لك يوم سعدك في قتلك من خلال فتح حروب متنقلة بين أوهام وحقائق والمواطنون الغيارى يبيعون بيوتهم نزوحاً من مغبَات الأمن ويلعنون الأحوال التي جعلتهم ينامون على مداخل الحواجز ويثرثرون عن الأوضاع الخانقة من السياسة الى الاقتصاد وما بينهما من أمن بات حصَة كل لبناني حتى ولو كان حبيس بيته ورغم ذلك يصطفون طائفياً وسياسياً ويحملون بعضهم البعض أزماتهم ومحنهم ولا يوجَهون اصابع الاتهام الى أنفسهم كونهم شركاء حقيقين في الأزمة المستفحلة في لبنان من خلال تأيدهم لطبقة سياسية مسؤولة بالكامل عما أصاب لبنان من هوان ومن يئس ومن ضياع وغياب في المجهول الدائم . لست خبيراً في الأمن وأمور العسكر ولهذا أسأل مانفع الحواجز التي تحشد الناس وتجمعهم في مكان واحد الأمر الذي يجعل منهم صيداً سهلاً من جهة وتجمعاً يحرص المفخخون على وجوده لتحقيق الاصابات المطلوبة بدلاً من ازهاق أرواح الانتحاريين مقابل ضحايا محدودة ؟ خاصة وأن المجنون الانتحاري يسعى الى تفجير نفسه في الأمكنة المكتظة ويبدو أن الحواجز تُسهم في توفيرالأعداد المطلوبة للانتحاريين المترصدين لأرواح اللبنانيين . فماذنبنا نحن الذين كفرنا  بلبنان التابع لمصالح الآخرين ورفضنا هذه الطبقة السياسية التي أوصلتنا  الى مانحن عليه من هناء ورخاء وسعادة وبعد هذه النعم لا يسعنا سوى الشكر كي تدوم النعم علينا تفووووووو.