تبدو المقاربة ضعيفة بين ربيعين عربيين لثورتين في دولتين احدهما أقلَ شاناً من الأخري . فمصر دولة فاعلة في فضائيها الآسيوي والافريقي اضافة الى وضعيتها التاريخية كدولة ضاربة جذورها في تراب التاريخ القديم وكقائدة لتشكيلات اقليمية أسهمت ذات مرَة في تحسين شروط مصالح الدول المضمومة الى محور عدم الانحياز . تونس بعيدة كل البعد عن مجالات التأثير في البنية العربية وهي في جغرافية نائية عن السخونة الأوسطية وخاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وضريبة الصراع العربي - الاسرائيلي . اذاً نحن أمام تقل ووزن مختلفان وتجربة متشابهة في الربيع العربي وفي النتائج التي أفضت الى صعود الأخوان الى سُلَم السلطة  بعد هبوط اضطراري في السجون والمنافي باعتبارهم معارضة مؤذية للنظام العربي وتبيَن فيما بعد الربيع العربي بأنَها معارضة ملتبسة . حسم الاخوان معاركهم  الانتخابية الوهمية وفازوا بأغلبية آنستهم أنفسهم وشركاءهم وحلفاءهم وبدؤوا بأخونة الدولة والأمَة وحصل ماحصل في مصر اذ استفق كل من الرئيس والمرشد على جهنم الجيش بعد أن شربوا من لبن وعسل جنة السلطة .. لم يحبك أخوان مصر لعبة السلطة جيداً فخسروا ما مهدوا له منذ الانكليز والاطاحة بالملك واللعب بورقة الجيش آثناء الثورة وبعدها والمجازفة في مقارعة ريس لا يقارع .ظنَوا أن السياسة حكم مثل أحكام الطهارة والنجاسات فوقعوا في فخ السيسي وريث الرؤساء العسكريين منذ عبد الناصر وجعلوا العلمانيين يعاودون التمسك بالعسكر للخلاص من الدين الذي يفسد السلطة لسؤ افعال الاسلام السياسي برمته . النهضة في تونس حركة ربيبة للاخوان المصرية باعتبارها المدرسة الأم لكل التشكيلات السياسية والحهادية . وكانت قد بدأت تخطو خطو مصر الاخوانية وكان الغنوشي يتقيد بتعاليم المرشد كما فعل مرسي تماماً في الاحتكار للسلطة والامساك بالأجهزة الأمنية وأقصاء الاخرين وفرض البرقع للستر في الدنيا والآخرة ونيل رضا ربَ العالمين . عندما سقط مرسي وسط طريق الاجراءات التي اتخذها والتي سهلت لبروز معارضة وازنة ومتنوعة لم تكن من قبل مرسي موجودة فأتاحها ووفَر لها فرص النجاح عليه وعلى الاخوان .أدرك الغنوشي لحيته من قبل أن يطالها موس التونسيين ويصيبها ما أصاب لحية الاخوان في مصر . فجاء الدستور وحكومة جمعة والشراكة المقبولة لتعطي اخوان تونس فرصة الاستمرار في سلطة وزنوها بمكيال وطني لا حزبي .. لقد تمسك الغنوشي بالأمن من خلال الداخلية كضمانة وحصانة من المستقبل مخافة أن تحذفهم خارطة الطريق من طريقها فيقعون في جور السجون والملاحقات الأمنية كما هو حال جماعات الاخوان في مصر . لقد ربحت حركة النهضة التونسية ما خسرته أمَها المصرية وحفظت ماتبقى لها من رصيد يعينها في الانتخابات التي تحتاجها لتُثبت شرعية التمثيل وأحقية الامساك برقبة السلطة دون مشاركة أحد من ملة الكفر.