بالأمس بقيت سوريا لوحدها وكان الوفدان السوريان في مؤتمر جنيف 2 كل يغني على ليلاه وكل يريد مكاسبه ومطالبه على حساب الآخر وعلى حساب الوطن لم يكن في الكلمات شيء عن سوريا الغد , بقيت المواقف على حالها كما الموجهات على أرض الوطن .
حملوا أسلحتهم الى هناك وتخاطبوا عبر متاريسهم ودشمهم وأسلحتهم وجاءت خطابات أبناء الوطن خطابات حرب وإلغاء,ولعلها أشد ضراوة من معارك الشوراع والأزقة وكان اليوم الأول حافلا بالاتهامات المتبادلة بين الطرفين ما زاد من حدة الإنقسام بينها وابتعاد كل منهما عن الآخر, وقد بدت الفوارق بين الطرفين كبيرة والهوة عميقة والشرخ كبير وكان وفد النظام في واد ووفود المعارضة في واد آخر .
كان شعار النظام وحديثه محاربة الإرهاب وشعار المعارضة وحديثها رحيل الأسد ومحاكمته ونقل السلطة .
لم تتضمن كلمات الوفدين أيه حلول جذرية للأزمة ولم يتم التطرق لأسباب الأزمة سواء الداخلية منها والخارجية لم يقدم اي من الطرفين ما يمكن أن يسهم بالحل ووقف الدم واحتضان الوطن .
كانت الكلمات شتائم سياسية وجردة بما يرتكبه هذا وبما يقوم به ذاك .
وليد المعلم وزير الخارجية ورئيس الوفد السوري كان حادا في خطابه سخيا في كيل التهم على وفد المعارضة وسأله ساخرا عن البرنامج السياسي لبناء سوريا وعن أدوات التغيير على الأرض غير المجموعات الإرهابية المسلحة"، واتهم المعارضة بأنهم مجموعات مرتزقة تقوم بحشد "الخزي والعار جراء التوسل الى الولايات المتحدة لشن عدوان عسكري على سوريا"، وقال: "باختصار لم تترك ثورتكم السورية المجيدة موبقة واحدة على وجه الأرض الا وفعلتها".
واكد المعلم على أن أسباب الأزمة أسباب خارجية، أساسها استخدام البترودولار الذي ساهم في زعزعة استقرار سوريا والذي شجع آلاف الإرهابيين من الشيشان إلى أفغانستان إلى دول أخرى أوروبية وعربية إلى المجيء إلى سوريا بهدف بناء دولة إسلامية وهابية إرهابية، تعود بنا مئات السنين إلى الوراء ,متناسيا الأيام الأولى لبدء الثورة ومطالبها بالتغيير والإصلاح وقد اعترف النظام نفسه بحاجة سوريا الى الإصلاح والتجديد التغيير  .
أما المعارضة أو المعارضات ,وهي المعارضة التي لا تملك اي برنامج فعلي لما تنادي به فاعتبرت أن الإرهاب يتحمل مسؤوليته الأسد، والإرهاب لا يعني فقط المجموعات الإسلامية المتطرفة التي تحارب في سوريا ("داعش" وغيرها) إنما أيضا "حزب الله" اللبناني "الذي يحاكم في لاهاي الآن لقتله رفيق الحريري" وهو من وجهة نظر المعارضة في سلة واحدة مع تلك التنظيمات، والتي "يقوم الجيش السوري الحر بمحاربتها جميعا.
وطالب الجربا فريق النظام الى التراجع عن "كونه وفداً يمثل الرئيس السوري بشار الأسد والتحول إلى وفد سوري وطني يوقع مباشرة وثيقة جنيف1".
ورغم اتساع الهوة بين الطرفين واتساع مساحة الخلاف بينهما سيعمل المسؤولون في الأمم المتحدة على فصل الفريقين يوم المفاوضات غداً في جنيف ووضعهما في غرفتين منفصلتين، على أن يقوم الإبراهيمي بجولات مكوكية بين الطرفين.وقالت أوساط أممية أن الإبراهيمي سيلتقي الوفدين اليوم كلاً على حدة في جنيف من أجل جس النبض قبل اتخاذ هذا القرار.
وحسب مسار اليوم الأول لجنيف 2 فإن المؤشرات والوقائع تؤكد صعوبة الوصول إلى اتفاق في المدى المنظور ومن المتوقع أن ينتهي جنيف 2 كما انتهى قبله جنيف واحد حيث بقي حبرا على ورق و استمر حمام الدم في سوريا يحصد كل اليوم المئات من القتلى والجرحى  .

كاظم عكر