لم يكن ينقص صورة حزب الله من تشوه بعد ما نتج عن مشاركته الى جانب نظام الأسد في الحرب السورية ، حتى جاءت انطلاقة اعمال المحكمة الدولية لتقضي على ما تبقى منها في حال اصر الحزب بممارسة مقاربته للمجريات المحكمة بأسلوب ادارة الظهر ،وعدم الوقوف مليا على ما طرأ من تحول واثاره في واقع جديد اسمه القضاء الدولي ، فبعد ان خسر الحزب الكثير من صورته المشرقة كفريق مقاوم وتحول بنظر معظم الشعوب العربية والإسلامية اقرب ما يكون الى مجرد ميليشيا مرتزقة تؤتمر بأوامر ايرانية وتنفذ اجندتها حيث فرضت عليه الغرق في بحر الدم السوري ، وقصرت آلته الدعائية ولم تفلح في تبرير هذا الانزلاق بمحاولات تظهيره انه انما يقاتل " الإرهاب " او التكفيريين ، بالخصوص بعد مرحلة التصادم الدموي العنيف بين الجيش الحر الذي يمثل عماد الثورة العسكرية على النظام ومجموعات تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام ( داعش ) بما تمثل هذه الأخيرة من خزان للتكفيريين ، وما حكي عن ارتباط هذه الجماعات الوافدة الى بلاد الشام من علاقات مخابراتية متشعبة تمتد من موسكو الى دمشق ، مما افقد الحزب اهم ورقة توت يستر بها عورة مشاركته بهذه الحرب ، ومع بدء جلسات المحكمة الدولية لم تعد اتهامات الحزب لهذه المحكمة على انها مسيسة وغير موثوقة بذات مصداقية ولم تعد تكفي لازاحة ما يمكن ان تسوقه هذه المحكمة من اتهامات لعناصر قيادية في صفوفه بمقتل الشهيد رفيق الحريري على انها تستهدفهم "كمقاومين "، فهذا ان كان يجدي قبل ثلاث سنوات الا انه الان بات عند الرأي العام في الشارع العربي من السهولة بمكان تصديق ان يقدم هذا الحزب على فعل جرمي كقتل رفيق الحريري ، كيف لا وهو الان برأي هذا الجمهور يقاتل الى جانب نظام اسهل الأمور عنده هو قتل شعبه بالصواريخ البالستية او بالبراميل المتفجرة ، مما نفى عن الحزب نهائيا تلك الصورة الملائكية التي عرف بها لسنوات وبأنه انما هو متخصص (الحزب ) في قتال عدو الامة الأول إسرائيل فقط ، هذا من جهة ومن جهة أخرى فان ما تلمسه الرأي العام اللبناني والعربي عبر مشاهدة مجريات المحكمة وما يوحيه النقل المباشر على شاشات التلفزة كسابقة غير معهودة للمحاكمات من عظيم مصداقية كان قد حاول الحزب لسنوات تهشيمها انما ثبت عنده بفضل هذه الشفافية بالنقل العكس تماما , فصار تصديق المحكمة هو الامر المرجح على تصديق ادعاءات الحزب ، هذا بدون ان نضيف بان الحزب نفسه كان قد ابدى في وقت سابق ثقة كبيرة بالمؤسسات الدولية بعد اعتقال سلطات البحرين امين عام حركة الوفاق ، مما حدى بحزب الله حينها الى اصدار بيان ناشد فيه المؤسسات الدولية بالعمل على بذل اقصى الضغوط لتقوم هذه السلطات بالافراج عن الشيخ ( كما ورد في نص البيان ) ، ومن هنا فمن غير المجدي الهروب الى الامام باعتبار المحكمة الدولية الخاصة بلبنان وهي احدى هذه المؤسسات الدولية انها غير ذي مصداقية عنده ، ! فحزب الله الواقع الان بين سندان الحرب السورية ومطرقة المحكمة هل سيعيد حساباته لإنقاذ ما تبقى له من صورته القديمة ، هذا ما نتمناه .