لا شك ان للمملكة العربية السعودية مآرب واهداف ترمي اليها من خلال الهبة المقدمة للجيش اللبناني والتي اعلن عنها الرئيس ميشال سليمان والبالغة ثلاث مليارات دولار ، فهذا هو دأب الدول والحكومات ، ومن الحماقة بمكان مقاربة فهم اي مساعدة من اي دولة لاي دولة اخرى خارج منظومة المصلحة واعتبارها وكأنها عما انساني لوجه الله على طريقة الجمعيات الخيرية !  حتى وان كانت  شقيقة او صديقة هذه الدولة المانحة ، الا ان هذا لا يعني موقف سلبي مسبقمنها ، قبل الاجابة عن سؤالين اثنين ، هنا او عند اي حالة مماثلة ، وعلى ضوء الاجابتين يبنى شكل  الموقف ، الاول والاهم هو حجم الاستفادة والمصلحة الوطنية فيها ؟ والثاني هو مقارنة هذه المصلحة وحجمها مع الاستفادة المكتسبة للجهة المانحة ، وعند ترجيح الدفة الاولى او موازاتها فهذا يعني ان المنحة المقدمة هي منحة ايجابية ، والوقوف المعترض حينها او رفضها لا يكونان ينمان عن حرص بالمصلحة الوطنية ، وهذا هو المنطق الذي لطالما اعتمد واستخدم في تبرير المساعدات الايرانية الاتية عبر الاراضي السورية لقسم من اللبنانيين والمقصود هنا هو فريق المقاومة حصرا عندما كان الاحتلال لا يزال جاثما على ارضنا ، فكان الجواب الحاضر دائما عندهم بعد اثارة اي تساؤل مشروع من هذا النوع عن مصلحة النظامين الايراني والسوري من هذا الدعم بان لا مانع وطني ولا عقلي من ان تستفيد الجهة الداعمة طالما ان هذا الدعم انما يصب في خدمة المصلحة الوطنية القاضية بتحرير لبنان من المحتل الاسرائيلي حينها ، ونفس المنطق يجب ان يسري هنا وبشكل اكثر موضوعية على الدعم السعودي خاصة ان هذا الدعم مقدم للجيش اللبناني بما يفترض انه يمثل حالة فريدة من الاجماع الوطني حوله ومن قبل كل الاطراف اللبنانية بدون استثناء ، لذا فلا معنى لكل حالة الاستنفار والرفض والهجوم من قبل طرف لطالما تغني وشنف اذاننا باحتضانه لهذه المؤسسة لدرجة المزايدة على الاخرين حتى كدنا نفترض وجود حالة من التبني له ان لم نقل حالة من السيطرة عليه تتناقض كليا مع الهجمة المبرمجة على هبة كبيرة تساهم في تعزيز وضعه وتحسين ادائه , اللهم الا اذا كان المقصود من كل حذا الاحتضان الكلامي ليس اكثر من خدعة سياسية المطلوب منها الاختباء الدائم خلف جيش ضعيف غير قادر على القيام بمهامه المطلوبة منه دستوريا وبالتالي فان الابقاء على حالة الضعف هذه هو حاجة من اجل تبرير استمرار الفراغ الامني لملئه من قبل طرف مسلح ومن رحم هذا الضعف يفرض على اللبنانيين شرعية سلاحه البديل ! فان كانت الهبة المقدمة وبهذا التوقيت اتت في سياق التنافر بين السعودية من جهة وبين الايراني والامركي من جهة اخرى وتهدف لسحب الذريعة عن شرعية الحزب والقضاء على ثلاثية ( الشعب ، والجيش ،والمقاومة ) فهذا لا يبرر للحزب او للمحور الايراني التهجم على هذه المنحة لان مشكلته هو بتأمين شرعية لسلاحه عبر حجج جديدة يستطيع ان يقنع بها اللبنانيين بمن فيهم جمهوره لا ان يقف سدا في وجه تقوية جيشنا الوطني او بمهاجمة الرئيس سليمان على جهوده الجبارة ، لان المنطق الذي يتبناه معظم اللبنانيين يقول ان الجيش الوطني باق ،، وكل السلاح الاخر الى زوال .