على عتبة العام الجديد 2015، كل الملفات العالقة من العام الحالي الذي شارف على الانتهاء، باتت جاهزة للانتقال من مرحلة التحضير إلى مرحلة التنفيذ، ولعل أهمها تقدّم ملف النفط بابعاده الثلاثة: إقرار المراسيم وتلزيم الشركات بعد إطلاق حملة تسويق عالمية، وإنجاز مشروع قانون الضرائب النفطية، حيث ان هذه النقاط الثلاثة تشكّل حلاً متكاملاً ضمن جدول زمني لا يتخطى الأشهر الستة الأولى من السنة المقبلة.
وكشف مصدر وزاري لـ«اللواء» ان القرار السياسي بات أكثر نضجاً لإصدار مرسومي اتفاقية استخراج النفط من المياه اللبنانية، وتخطيط المياه البحرية (البلوكات) على ان تدرج على جلسة قريبة لمجلس الوزراء في الشهر الأوّل من السنة الجديدة.
وهذا ما انتهى إليه اللقاء بين الرئيس تمام سلام ووزير الطاقة والموارد المائية والكهربائية ارتور نظريان، في حضور أعضاء هيئة إدارة قطاع النفط واللجنة النيابية برئاسة رئيس لجنة الاشغال النيابية محمّد قباني.
وقال المصدر ان الظروف باتت مؤاتية أكثر داخل الحكومة لوضع خارطة الطريق التي اعدتها هيئة قطاع البترول موضع التنفيذ، تلزيماً وتشريعاً وترويجاً، مشيراً إلى ان التحولات الجارية على صعيد أسعار النفط وتراجع تحويلات المغتربين إلى لبنان، فضلاً عن مباشرة إسرائيل عمليات التنقيب بالقرب من البئر النفطي المتنازع عليه مع لبنان، أنهت المماحكات السياسية التي اعاقت الانتقال إلى الملف التنفيذي.
وأعلن النائب قباني لـ«اللواء» انه لمس كل ترحيب وإيجابية من الرئيس سلام لدى البحث معه في ملف الغاز والنفط، آملاً ان يصارالى إقرار مشروع خارطة الطريق الذي اعدته لجنة الاشغال والطاقة النيابية وإدارة قطاع البترول في المجلس بما يشمل إقرار المرسومين حول النفط في مجلس الوزراء وقانون الضرائب النفطية في مجلس النواب.
وأوضح ان مراسيم النفط قد تأخذ وقتاً، وأن أي جديد بشأنها يفترض ان يتظهر في الأشهر الأولى من العام الجديد، مشيراً إلى ان التحرّك في هذا الملف أضحى ضرورياً، بما في ذلك تنشيط الحملة الترويجية للنفط والغاز في لبنان لدى الشركات الأجنبية وحض المجتمعين العربي والدولي لايلاء هذا الموضوع الاهتمام اللازم.
ومن جهته، لفت عضو هيئة إدارة قطاع البترول وسام شباط في حديث لقناة «المنار» ان الدراسات تؤكد وجود ثروات نفطية واعدة في لبنان، مشيراً إلى ان هذا الأمر أدى إلى ارتفاع الاهتمام من قبل الحكومة والشركات العالمية، لكن هذا الاهتمام خفت نتيجة التباطؤ الذي حصل في الأشهر الماضية، مشدداً على ان هذا الشيء الواعد يؤهلنا لأن نكون دولة نفطية، لكن هذا الأمر يتطلب العديد من الخطوات حتى لا تكون هذه الثروة نقمة وليست نعمة.
ولفت إلى ان ما هو ظاهر حتى الآن ان كميات الغاز في لبنان أكبر من السوائل، لكن هذا الأمر ليس اكيداً، مؤكداً ان الأطماع الإسرائيلية بالنفط اللبناني أمر مثبت.
تزامناً، نجحت الديبلوماسية اللبنانية في تحقيق إنجاز ديبلوماسي من شأنه أن يُشكّل رادعاً لإسرائيل أو بداية معركة ديبلوماسية في أروقة الأمم المتحدة، بعد ما تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار البقعة النفطية على الشواطئ اللبنانية الذي يطالب إسرائيل بتعويض لبنان بمبلغ مقدره 856.4 مليون دولار، نتيجة الاضرار التي لحقت بلبنان بعد القصف الإسرائيلي لمحطة الجية للطاقة الكهربائية خلال عدوان تموز 2006.
ولفت مندوب لبنان الدائم لدى الأمم المتحدة السفير نواف سلام إلى ان القرار يعتبر انجازاً مهماً يمهد الطريق للحصول على تعويضات إضافية عن الضرر اللاحق بقطاعات أخرى، مشيراً الی أخذ القرار بالخلاصات الواردة في تقرير الأمين العام ليس انتصاراً للبنان وحده، بل انتصار أيضاً لمفهوم العدالة ولميثاق الأمم المتحدة.
المخطوفون
اما على صعيد قضية العسكريين المخطوفين، وبعد النتائج الإيجابية التي تعززها جولات اهاليهم على المسؤولين الرسميين والحزبيين، نسبت وكالة «فرانس برس» إلى «تنظيم الدولة الاسلامية» «داعش» تهديداً جديداً بقتل ثلاثة من الجنود يحتجزهم التنظيم، وذلك حسب ما جاء في تسجيل مصورحصلت عليه أمس الوكالة المذكورة، وظهر فيه ثلاثة مسلحين في منطقة جرداء، اثنان منهما يرتديان بذلات عسكرية، والثالث ثياباً سوداء، وبايديهم سكاكين على رقاب الجنود، حيث هدّد احد المسلحين باللغة الفرنسية الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط والدكتور سمير جعجع بقتل هؤلاء الجنود إذا لم يتصد الثلاثة الذين وصفهم الشريط بحلفاء فرنسا بدور «حزب الله» في سوريا ولبنان.
وأغلب الظن ان هذا الشريط هو نفس الشريط المصور الذي بثته قناة «الجديد» ليل أمس الأوّل، وتردد ان الشيخ السلفي وسام المصري سلمه إلى الوكالة المذكورة وإلى تلفزيون «الجديد» بعد عودته من جرود عرسال، حيث قابل تسعة من الجنود المخطوفين، لكن الأخير نفى ذلك، مؤكداً انه ينتظر اتصالاً من «داعش» للعودة إلى جرود عرسال، بعدما كان التقى جبهة «النصرة».
إلا ان النائب جنبلاط، ورداً على رسالة «داعش» أعلن «لم ولن نتخلى عن دور الوساطة تحت مبدأ المقايضة»، مضيفاً في أي ظرف في تغريدة على «تويتر» «لا علاقة لنا بما يفعله ويقوله الغير، وليس هذا الكلام للتجريح بالحريري أو جعجع، والتعبير لجنبلاط، ولفت إلى ان الوزير وائل أبو فاعور سيستمر بجهوده على قاعدة المقايضة بعيداً عن حسابات الغير, وكان وفد من أهالي العسكريين سمع تطمينات من الرئيس نبيه برّي، فضلاً عن نصائح، أبرزها أن الدولة ليست غافلة عن قضية استعادة أبنائها العسكريين، وأن التنسيق قائم مع النائب جنبلاط في ما خص بلورة مبدأ المقايضة، لكن القضية لا تحل بالشارع، ولا بالضغط على الدولة تحت وطأة تهديدات المسلحين الخاطفين لهؤلاء الجنود.
وأعلن الناطق باسم الأهالي حسين يوسف انهم سيلتقون الرئيس سلام في الساعات المقبلة لحثه على تفويض الشيخ المصري بشكل رسمي، مشيراً الى ان الأخير أبلغ الأهالي ان لديه مبادرة جيدة وغير معقدة، لكنه تكتم على تفاصيلها، وينتظر تفويضاً رسمياً كي لا تحترق، كما انه على تنسيق مع المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم.
غير أن مصدراً رسمياً شكك في جدية وساطة المصري، مشيراً إلى انها «عمل فردي» لاعتبارات خاصة بالرجل.
حوار المستقبل - حزب الله
ولعل هذا الملف هو من أبرز الملفات السياسية نضوجاً بين طرفين رئيسيين في البلاد، سواء في السياسة أو الحكومة أو مجلس النواب. والأهم ما عاد به وفد «المستقبل» المؤلف من الرئيس فؤاد السنيورة ووزير الداخلية نهاد المشنوق ومدير مكتب الرئيس الحريري نادر الحريري لجهة التأكيد على خيار الحوار والتواصل، على أن يجري الحريري اتصالاً بوزير المال علي حسن خليل لعقد اجتماع يبحث في موعد الجلسة التمهيدية الاولى ويحسم التباينات حول جدول الأعمال، حرصاً على نجاح المبادرة وعدم تعريضها لأي انتكاسة تؤثر على باقي الملفات القائمة في البلاد.
وأوضح مصدر نيابي في كتلة «المستقبل»، أن وفد المستقبل عاد من الرياض بعد المشاورات التي أجراها مع الرئيس الحريري بالتأكيد على أن إرادة الحوار موجودة، وانه يجب استكمال التواصل من أجل تحديد جدول الأعمال والموعد، لافتاً إلى أن الوفد المستقبلي الذي سيحاور «حزب الله» لم يحسم بعد، وإن كان معروفاً أن العضو الأوّل في الوفد سيكون نادر الحريري، فيما لم يعرف بعد اسم العضو الثاني.
ونفى المصدر أن يون قد استجد شيء بالنسبة لموعد الجلسة التمهيدية الأولى التي ترددت معلومات أمس انها قد تعقد في 29 الشهر الحالي في عين التينة، لافتاً النظر إلى انه كان سبق أن استبعد ان تعقد بين العيدين.
وفي سياق متصل، علمت «اللواء» ان المشاورات بين حزب الله وحزب الكتائب، بلغت خواتيمها، وأن هناك بداية حوار سينطلق في وقت قريب بين الجانبين، سيكون طرفاها عن «حزب الله» النائب الدكتور علي فياض ومن الكتائب النائب ايلي ماروني.
وذكرت معلومات أن الطرفين ينكبان حالياً على وضع اللمسات الأخيرة على جدول أعمال هذا الحوار.
رئاسة الجمهورية
إلى ذلك، علمت «اللواء» من مصادر نيابية عادت إلى بيروت من عاصمة اوروبية، انه خلافاً للبرودة الطافية على سطح انتخابات الرئاسة الأولى، فان الحراك الغربي، لا سيما الفرنسي، قطع مرحلة متقدمة مع الفاتيكان وطهران والرياض للتفاهم على الرئيس العتيد.
وذكرت المصادر أن الفاتيكان أو فرنسا هي التي ستتولى اقناع النائب ميشال عون بإعادة النظر بموقفه من الانتخابات الرئاسية، لجهة إما تسمية الرئيس التوافقي، او الانسحاب من الساحة، بغض النظر عن النتائج التي يمكن ان ينتهي إليها اللقاء المنتظر بينه وبين جعجع.
إشارة إلى أن رئيس المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخازن توقع امام وفد مسيحي زاره في الرابية أن يعقد اللقاء بين القطبين المارونيين مطلع السنة الجديدة، معتبراً أن الحوار المزمع انطلاقه بين المستقبل وحزب الله لا يبتعد في جانب منه عن الحراك لإنضاج تفاهم وطني على رئيس الجمهورية.
ويعتقد دبلوماسي أوروبي يعمل في باريس، ومطلع على الحراك الدولي تجاه الملف الرئاسي، أن الحراك الفرنسي يحظى بغطاء سعودي وإيراني وروسي، وبدفع فاتيكاني إلى جانب ما يشبه التكيف الأميركي، مما يسهم في تزخيم هذا الحراك تمهيداً للخروج بانتخاب رئيس جديد على ابواب الربيع المقبل.
وبحسب هذا الدبلوماسي، فان الزيارة التي سيقوم بها لبيروت رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني يوم الاثنين، تأتي في سياق تحرك إيراني متناغم مع النشاط الدبلوماسي اللافت الذي يضطلع به عدد من العواصم المعنية بالملف الرئاسي اللبناني.