في سياق يكرّس تموضعه في الحاضنة العربية ويعزز دوره على خارطة الدول الفاعلة والمؤثرة في مكافحة الإرهاب، برزت مشاركة لبنان الرسمي برئاسة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري أمس في أعمال القمة العربية – الإسلامية – الأميركية التي انعقدت في مركز الملك عبد العزيز الدولي للمؤتمرات في الرياض، ليكون بذلك وسط صفوف «صنّاع القرار» الإقليمي في لحظة تاريخية ومفصلية من تاريخ منطقة الشرق الأوسط لا شكّ أنّ ما بعدها لن يكون كما قبلها، في ضوء ما بدا من عزم عربي وإسلامي في قمة الرياض على إعلاء راية الاعتدال والسلام فوق كل رايات التطرف والإرهاب. في وقت لفتت إشادة الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال كلمته في مستهل القمة بالجهود التي يبذلها الجيش اللبناني على الحدود الشرقية مع سوريا في إطار مواجهة التنظيمات الإرهابية والتصدي لها ومنعها من التسلل إلى الداخل.

وكان الحريري قد وصل عند الساعة الثانية من بعد ظهر أمس إلى مركز الملك عبد العزيز الدولي للمؤتمرات لترؤس وفد لبنان إلى القمة حيث كان في استقباله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وسط حفاوة ملكية لافتة أبداها الملك سلمان خلال الترحيب به، فضلاً عما بدا من ودّ بين الحريري وكل من ولي العهد الأمير محمد بن نايف وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان اللذين التقط معهما «سيلفي» على هامش أعمال قمة الرياض وأرفقها بعبارة: «بين أهل الخير.. معاً عملنا لإنجاز الاستقرار ودائماً معاً لإرساء السلام والوحدة والحفاظ على عروبتنا، نعم، دائماً».

إلى ذلك، وعلى هامش مشاركته في أعمال القمة العربية – الإسلامية – الأميركية، تبادل رئيس مجلس الوزراء وكل من وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون ووزير الخارجية السعودي عادل الجبير أطراف الحديث، قبيل انتهاء أعمال القمة ومغادرة الحريري مع رؤساء الوفود للمشاركة بوضع حجر الأساس للمركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف.

وفي بيروت، لاقت مشاركة لبنان في قمة الرياض تشديداً على أهميتها باعتبارها تساعد الدولة على تعزيز حضورها على الساحات العربية والإقليمية والدولية وتساهم في إعانة لبنان على «تجاوز الملفات الصعبة وحمايته وتعزيز أمنه واستقراره» كما أكد الوزير طارق الخطيب لـ»المستقبل» مع إبدائه «الثقة بحكمة الرئيس الحريري والوفد الوزاري المرافق وبتعبيرهم خير تعبير عن الموقف اللبناني المعزز للوحدة الوطنية والعيش المشترك». كما كانت تأكيدات سياسية مماثلة لـ«المستقبل» () بحيث لفت الوزير معين المرعبي إلى أنّ هذه المشاركة «تعني أنّ لبنان في صلب العالم العربي والإسلامي ومعني بما يحصل في محيطه وبيئته» معرباً عن التمني اللبناني بإيجاد «حل لوقف القتل والدمار في سوريا تمهيداً لعودة النازحين إلى بلدهم والبدء بعملية إعادة الإعمار». في حين ذكّر عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب انطوان سعد «بالدور الكبير الذي يلعبه الجيش اللبناني في محاربة الإرهاب والذي يدفع بالولايات المتحدة الأميركية إلى تقديم المساعدات العسكرية له»، مشدداً على أنّ «وجود لبنان في أهم قمة من نوعها تعقد في العالم العربي بمشاركة الرئيس الأميركي هو بحد ذاته أمر مهم جداً يؤكد عودته إلى لعب دوره الطبيعي في ظل التطورات الحاصلة في المنطقة». كما أشار عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب شانت جنجنيان إلى أنّ الحضور اللبناني في هذه القمة يعتبر بمثابة «اعتراف عربي وأميركي بأهمية الدور الذي يمكن أن يلعبه لبنان في محاربة التطرف والإرهاب خصوصاً وأنّ الجيش اللبناني يسطّر معارك بطولية في هذا المجال على الحدود».

وليلاً، غرّد وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل عبر حسابه على موقع «تويتر» قائلاً: «لم نكن على علم باعلان الرياض لا بل كنا على علم أن لا بيان سيصدر بعد القمة، وقد تفاجأنا بصدوره وبمضمونه ونحن في طائرة العودة»، وأضاف: «أما وقد وصلنا إلى لبنان فنقول إننا نتمسك بخطاب القسم والبيان الوزاري وبسياسة ابتعاد لبنان عن مشاكل الخارج وابعادها عنه ضناً بلبنان وشعبه ووحدته».