لا صوت يعلو في البلد فوق «اللاءات» الانتخابية.. فبين «لا» ناهية عن التمديد و«لا» نافية للفراغ، الكل يبحث عن «نعم» توافقية واحدة تجمع مختلف الأطراف حول مشروع قانون جديد للانتخاب. وإذا كان موضوع القانون العتيد بما يُشكله إعلامياً من قوت يومي حافل بتحليلات وتأويلات لمواقف علنية من هنا أو نوايا مبيّتة من هناك لا يشي في ظاهره بقرب التوصل إلى التوافق المنشود، فإنّ الأكيد أنّ هناك عملاً جدياً يجري على مستويات رفيعة غير مرئية للعيان والإعلام ابتغاء «قضاء الحوائج الانتخابية بالكتمان».. كما هو الحال في السراي الحكومي حيث تنشط حركة الاتصالات واللقاءات والاجتماعات يومياً بعيداً عن الأضواء في سياق يريده رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري منتجاً انتخابياً قبل فوات المهل الدستورية.

وفي هذا السياق، تؤكد مصادر السراي لـ«المستقبل» أنّ يوميات الرئيس سعد الحريري باتت عبارة عن خلية عمل متواصل على مدار الساعة شغلها الشاغل التوصل إلى نقطة التقاء بين مختلف المكونات الوطنية حيال القانون الانتخابي، مضيفةً في معرض إضاءتها على يوميات السراي: «بين الموعد والآخر ثمة إما اتصال أو لقاء أو اجتماع يجريه رئيس الحكومة بشأن مستجدات ملف قانون الانتخاب، وهذه الاتصالات واللقاءات والاجتماعات تتم في معظمها خارج نطاق التغطية الإعلامية»، مع إشارتها إلى أنه حتى النشاط المعلن للقاءات الحريري مع مختلف الأطراف فإنّ قانون الانتخاب يُشكل المحور الأساس فيها وإن لم تكن مخصصة أساساً لمناقشة هذا الملف.

ورداً على سؤال، أوضحت مصادر السراي أنّ رئيس مجلس الوزراء ينطلق في قاعدة عمله نحو بلورة التوافق الانتخابي من ركيزتين أساسيتين: انفتاحه و«تيار المستقبل» على كل الطروحات الانتخابية، وعلاقته الإيجابية مع مختلف الأطراف، وهو انطلاقاً من هاتين الركيزتين يسعى إلى الدفع باتجاه التوصل لاتفاق على مشروع قانون انتخابي جديد يؤمن صحة التمثيل ويراعي الهواجس قبل انقضاء مهلة الشهر الدستورية التي علّق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بموجبها جلسات مجلس النواب حتى 15 أيار المقبل.

عون: لا تمديد ولا فراغ

في الغضون، وبينما تتوالى التحذيرات الديبلوماسية من مغبة الفراغ التشريعي في البلد وآخرها التحذير الذي أطلقه أمس السفير الروسي الكسندر زاسبيكين من وزارة الداخلية ونبّه فيه من أنّ «أخطر ما يمكن أن يحدث للبنان هو الفراغ»، برز أمس «الفيتو» الرئاسي الذي رفعه عون ضد التمديد لمجلس النواب«ولو لدقيقة واحدة» كما قال أمام زوار القصر الجمهوري، واصفاً التمديد في حال حصوله بأنه «خراب للبلد وانقلاب على الشعب»، ليضيف بلهجة حاسمة: «هذا الأمر لا يجب أن يحصل ولا يهدد به أحد، فإذا تخلى اللبنانيون عن حقهم في انتخاب ممثليهم في البرلمان يتغير نظام الحكم ونصبح في نظام ديكتاتوري».

وعن المخاوف من حصول الفراغ في المؤسسة التشريعية، جزم رئيس الجمهورية بأن المجلس النيابي باستطاعته وضع قانون انتخابي جديد حتى 20 حزيران، معتبراً أنه «حتى ولو وصلنا إلى هذا التاريخ فإنّ الفراغ لن يحصل في المؤسسات»، وتسلّح في طرحه هذا بمادتي الدستور 25 و74، الأولى التي تنصّ على أنه «إذا حُل مجلس النواب وجب أن يشتمل قرار الحل على دعوة لإجراء انتخابات جديدة»، والثانية التي تقول بأنه عندما يكون مجلس النواب منحلاً «تُدعى الهيئات الناخبة من دون إبطاء ويجتمع المجلس بحكم القانون حال الفراغ من الأعمال الانتخابية».

بكركي توضح

تزامناً، نقلت مصادر بكركي لـ«المستقبل» توضيحات متصلة بالمواقف الأخيرة التي أطلقها البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي حيال الاستحقاق الانتخابي، مشيرةً إلى أن دعوته لإجراء الانتخابات وفق القانون الحالي أتت رداً على «المماطلة في التوصل إلى قانون انتخابي جديد وليس محبةً بقانون الستين بل منعاً لاغتصاب السلطة» عبر التمديد مجدداً لولاية المجلس النيابي.