بسلة إنجازات وازنة يعود رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري من زيارته الرسمية إلى مصر، توّجتها أمس عودة اللجنة العليا المصرية – اللبنانية إلى الانعقاد بعد 7 سنوات من الانقطاع لتحقق في نتائج أعمالها فتحاً مبيناً في تعزيز أواصر التعاون المشترك عبر إبرام سلسلة بروتوكولات ومذكرات واتفاقات بين البلدين تطال مختلف المجالات والقطاعات الحيوية في إطار نجحت من خلاله الزيارة في تشريع أبواب الأسواق المصرية أمام المنتجات اللبنانية، سيما وأنها تمكنت من «إزالة بعض العوائق والشوائب التي كانت تعطل التجارة بين لبنان ومصر وتعيق وصول البضائع اللبنانية إليها» وفق ما أكد الحريري للإعلاميين المرافقين في ختام الزيارة أمس، موضحاً أنّ الاتفاقات التي تمت في هذا المجال تشمل التفاح اللبناني والأدوية اللبنانية والتبادل الاستثماري والسياحي والروزنامة الزراعية والتصدير، وهي أمور شدد على كونها «تساعد 

الاقتصاد اللبناني والصناعيين والزراعيين اللبنانيين في تصدير منتجاتهم إلى مصر».. ليختصر في معرض الإضاءة على محصلة نتائج هذه الزيارة «الإيجابية والمثمرة» قائلاً: «حققنا أكثر مما نتوقع». 

وفي الشؤون الإقليمية والمحلية، كانت لرئيس الحكومة جملة مواقف بارزة أمس عبّر فيها بوضوح وشفافية عن توجهاته السياسية والرسمية حيال أكثر من ملف واستحقاق خلال إطلالة متلفزة مع الإعلامي عمرو أديب، بحيث أعرب في الشأن الوطني عن ثقته بمتانة التفاهم القائم بينه وبين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لما فيه مصلحة لبنان العليا، وتصميمه على إنهاء الفساد والهدر، وإقرار قانون انتخابي جديد وإجراء الانتخابات ومنع الفراغ في السلطة التشريعية. أما في موضوع «حزب الله»، فلفت الانتباه إلى «الاختلاف في السياسات» مع الحزب إلا أنه آثر «وضع الخلاف جانباً لإكمال بناء البلد»، مخالفاً مقولة إنّ تدخل «حزب الله» في سوريا منع الإرهاب عن لبنان بتأكيده أنّ هذا التدخل هو الذي «أتى بالبلاء» إلى البلد. ورداً على سؤال، برز تشديد الحريري على ضرورة تحييد لبنان عن تداعيات موضوع «حزب الله» الذي أضحى «موضوعاً إقليمياً»، مبدياً تمسكه بضرورة معالجة مسألة سلاح «حزب الله» على طاولة الحوار الوطني من خلال «الاستراتيجية الدفاعية» المنشودة، وبوجوب احترام القرار 1701 الوارد في البيان الوزاري وتعزيز الوحدة الوطنية في مواجهة التهديدات الإسرائيلية، وسط تشديده على أنّ مقاومة إسرائيل مسؤولية تقع على عاتق «العرب جميعاً وليس لبنان وحده».

وفي الشق الإقليمي، أكد الحريري أنّ «المعركة في المنطقة اليوم هي بين الاعتدال والتطرف»، مشدداً على أنّ «الإٍسلام هو الاعتدال والوسطية وليس قطع أعناق الناس»، كما أعرب في ملف الأزمة السورية عن دعمه لخيارات الشعب السوري مع تجديد «موقفه المعروف» من النظام السوري بوصفه «جزءاً من المشكلة» ولن يستطيع الإكمال في قيادة سوريا في مرحلة الحل.

وإذ أكد الحريري رداً على سؤال أنه يعرف من اغتال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، إلا أنه جدد في المقابل رفضه لمبدأ «الانتقام» مبدياً ثقته بعدالة المحكمة الدولية التي تأخذ مجراها، وعزمه على «السير في طريق رفيق الحريري رجل العدل والاعتدال والحق والصدق».

شكوى لبنان

في الغضون، أفادت مصادر ديبلوماسية في نيويورك «المستقبل» أنّ الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي تسلما يوم الثلاثاء الفائت رسالتين متطابقتين من الحكومة اللبنانية حول التهديدات الإسرائيلية. وجاء في مستهل الرسالة التي اطلعت «المستقبل» على مضمونها، تكرار لبنان التزامه تنفيذ كافة احكام القرار 1701 وتجديد «دعوة الأسرة الدولية للضغط على إسرائيل من أجل حملها على التزام التطبيق الكامل لهذا القرار»، لتنصّ في ختامها على مطالبة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس بـ»اتخاذ التدابير اللازمة لردع إسرائيل عن الاستمرار في تهديداتها الخطيرة لأمن لبنان وسلامة أهله ومؤسساته المدنية والرسمية كما في انتهاكاتها الخطيرة لسيادته»، مع طلب إصدار هذه الرسالة كوثيقة رسمية من وثائق الأمم المتحدة تحت البند «34 الحالة في الشرق الأوسط».

وكان مندوب لبنان الدائم لدى الأمم المتحدة السفير نواف سلام قد استعرض في متن الرسالة التي وجهها بناءً على تعليمات الحكومة اللبنانية، سيل «الادعاءات والافتراءات والتهديدات الإسرائيلية الخطيرة بحق لبنان ومحاولات الترهيب المفضوحة لشعبه»، معدّداً في السياق تهديدات كبار المسؤولين الإسرائيلين للدولة اللبنانية ومنشآتها المدنية وآخرها تصريح الوزير الإسرائيلي نفتالي بينيت بتاريخ 13-03- 2017 الذي دعا فيه خلال الحرب المقبلة إلى «إجراء هجوم شامل على المنشآت المدنية واستهداف المؤسسات اللبنانية والبنى التحتية والمطار ومحطات الطاقة وتقاطع الطرقات» بالإضافة إلى قواعد الجيش اللبناني، مع توعده بإعادة لبنان «إلى العصور الوسطى».

وبينما أعادت الرسالة التذكير بحجم خروقات إسرائيل المتكررة للسيادة اللبنانية واستمرار احتلالها شمال منطقة الغجر ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا، طالبت في المقابل، بضرورة «إدانة التهديدات الإسرائيلية المتصاعدة بأشد العبارات دون أي تأخير وتسليط الضوء عليها وشجبها بشكل قاطع في التقارير الدورية عن تطبيق القرار 1701»، منبهةً الأسرة الدولية إلى كون هذه التهديدات «باتت تنذر بزعزعة الهدوء على الحدود الجنوبية للبنان وتشكل خطراً واضحاً على الأمن والسلم في المنطقة والعالم»