إحتلت الحرب الغربية والعربية على «داعش» وأخواتها في التشدد والإرهاب صدارة المتابعات السياسية والإعلامية أمس على وقع انطلاق عمليات استهداف مواقع التنظيمات الإرهابية في سوريا، بينما لفت في المشهد المحلي المتقاطع إيرانياً رسْم «حزب الله» على لسان أمينه العام السيد حسن نصرالله خطاً أحمر حول انضمام لبنان إلى التحالف الدولي ضد «داعش» ذكّر بعض المراقبين بذلك الخط نفسه الذي سبق ورسمه رفضاً لتصدي الجيش لتنظيم «فتح الإسلام» الإرهابي في مخيم نهر البارد. أما على المستويات اللبنانية الأخرى فلا يزال الوضع على حاله من الترقب والأمل بفرج رئاسي متعسّر مع إرجاء جديد لجلسات الانتخاب إلى التاسع من الشهر المقبل، وأمني واعد في ضوء تأكيد مرجع عسكري لـ«المستقبل» تنفيذ الجيش «عمليات نوعية في حربه مع مسلحي الجرود أسفرت عن مقتل العشرات منهم»، وتشريعي حان وقت قطافه استناداً إلى تأكيد رئيس مجلس النواب نبيه بري لـ«المستقبل» أنّ «طريق التشريع باتت سالكة والمسألة أصبحت مسألة توقيت فقط».

وإذ لفت إلى أنّ اجتماع النائب جورج عدوان والوزير علي حسن خليل أمس «بحث الصيغة النهائية للنقاط المختلف عليها» في سلة الاتفاق التشريعي، قال بري في حديثه لـ«المستقبل»: «الأمور ماشية في طريق جيدة ولا مشكلة في الموضوع بحسب معلوماتي، على أن تبقى العبرة في التنفيذ»، مضيفاً: «أول سؤال سألتُه للنائب عدوان حين زارني كان عما إذا كان أتى للتحدث في قضية التشريع باسم «القوات اللبنانية» فقط أم كذلك باسم «المستقبل» فأكد لي أنه يتحدث باسم الطرفين»، مع تشديد رئيس المجلس على أنه مهتم ببحث الأمور وبلورة الحلول التشريعية مع كل الأفرقاء.

وعن موعد انعقاد الجلسة التشريعية المرتقبة، أجاب: «أنتظر عودة رئيس الحكومة تمام سلام لسؤاله بحسب الأصول عما إذا كانت لديه بنود ضرورية يريد إدراجها على جدول أعمال الجلسة» المزمع عقدها، مؤكداً في هذا السياق أنّ «مكتب المجلس هو المخوّل بوضع جدول الأعمال» بينما شدد في ما يتصل بمشروع سلسلة الرتب والرواتب على أنّ إقراره أصبح «تحصيل حاصل».

أما في ما يتعلق بتطورات المشهد الإقليمي، فأعرب بري عن أمله في أن يسلك حوار «س.إ» (السعودية إيران) طريقه نحو الاتفاق، وأردف: «أنا دائماً حذر لكن أقول إن شاء الله تمشي الأمور لأنّ المسألة لا تتعلق بلبنان فقط بل كذلك بسوريا والعراق واليمن والبحرين وأولاً وآخراً تتعلق بالإسلام وبالتعايش الإسلامي المسيحي والإسلامي الإسلامي وهذا أمر أكثر من مهم وسبق وقلتُهُ لكل من المسؤولين الإيرانيين والمسؤولين السعوديين».

حرب الجرود

أمنياً، أبدى مرجع عسكري لـ«المستقبل» عن قناعته بأنّ «الحرب الدولية على «داعش» بدأت مبدئياً»، مؤكداً في ما يتصل بدور الجيش اللبناني في هذه الحرب أنّ «وحدات الجيش تتصدى أصلاً للإرهاب وتواجهه عند الحدود وفي الداخل بمعزل عن انطلاق عمليات التحالف الدولي ضده».

وعما أشيع عن قصف مقر احتجاز العسكريين الأسرى لدى «جبهة النصرة» في جرود عرسال، شدد المرجع العسكري على أنه «محض كذب بهدف استثارة عواطف أهالي العسكريين»، مؤكداً في المقابل أنّ «الجيش أطلق صاروخاً من الجو استهدف مركزاً يضم فقط مجموعات مسلحة تابعة لـ«النصرة» في جرود عرسال»، ونافياً ما تردد عن استهداف مركز « النصرة» بواسطة طائرة من دون طيار «بل مقاتلة تابعة لسلاح الجو اللبناني». 

وأضاف في معرض إشارته إلى أنّ هذه الغارات الجوية إنما تأتي في إطار «العمليات النوعية» التي تشنها وحدات الجيش في الجرود: «وحداتنا العسكرية نفذت عملية نوعية ضخمة خلال اليومين الأخيرين وحققت خسائر جسيمة وقتلى بالعشرات في صفوف المجموعات الإرهابية، إلا أننا لا نقارب هذا الموضوع إعلامياً بل نكتفي بترجمة دورنا العسكري ميدانياً في ساحة المعركة».

ورداً على سؤال، نفى كذلك المرجع العسكري ما أشيع إعلامياً «بسوء نية» عن إنشاء «فوج جبلي»، مشيراً في المقابل إلى أنّ «الجيش أنشأ فوج تدخل سادس بموجب تشكيلات عسكرية أجراها بين عدة أفواج».

أما في ما خصّ ملف التسليح، فأكد المرجع العسكري أنّ «العتاد والسلاح الأميركي يصل بوتيرة شبه يومية إلى الجيش»، بينما أوضح في ما يتعلق بحصة الجيش من هبة المليار دولار المقدمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أنها «تبلغ نصف مليار دولار، والتسليح بموجب هذه الهبة دخل حالياً مرحلة درس العروض وتوقيع العقود لتزويد الجيش بالأسلحة الثقيلة التي يطالب بها»، لافتاً الانتباه إلى أنّ «هذه النوعية من الأسلحة لا تكون جاهزة للتسليم الفوري بل تحتاج الجهات المصنّعة لها بعض الوقت لتجهيزها وتسليمها».

.. وسلمان إلى موسكو

في سياق متصل، علمت «المستقبل» أنّ رئيس أركان الجيش اللواء الركن وليد سلمان الذي يزور موسكو في 29 الجاري لبحث الهبتين الروسية والسعودية للمؤسسة العسكرية اللبنانية، سيلتقي رئيس الأركان الروسي وسيتناول معه في الهبة المقدمة للجيش من قبل وزارة الدفاع الروسية، كما سيناقش سلمان خلال زيارته موسكو مع المسؤولين في شركة «روس أوبورون إكسبورت» مشتريات المعدات التي طلب الجيش شراءها من روسيا بموجب الهبة السعودية.