لم تعد اعتداءات الإرهابيين على الجيش اللبناني في طرابلس، منذ غزوة عرسال، تقتصر على رمي قنبلة يدوية ليلاً قرب أحد مراكزه أو استهداف دورياته بعبوات محلية الصنع. إذ أطلق إرهابيون النار عند الرابعة فجر أمس على نقطة للجيش في محلة «الأكومة» في البداوي عند المدخل الشمالي لطرابلس، ما أدى إلى استشهاد الجندي محمد خالد حسين من بلدة تكريت العكارية، وجرح عسكريين آخرين. وبناءً على المعطيات الأولية، فإن المسلحين اطلقوا النار من سيارة لم تعرف مواصفاتها، ولم يتمكن عناصر النقطة من الردّ عليهم.
استهداف الجيش على هذا النحو، هو الأول من نوعه منذ بدء تطبيق الخطة الأمنية مطلع نيسان الفائت، وهو يشير إلى نيّة المجموعات الإرهابية ممارسة الضغوط على الجيش وتشتيته على أكثر من جبهة، فضلاً عن أجواء التحريض التي يقودها نواب تيار المستقبل ومشايخ سلفيون ومتشددون.

وتقول مصادر أمنية لـ«الأخبار» إن «أجواء الانفلات الأمني في طرابلس والاعتداءات المتكررة على الجيش في طرابلس وغيرها سببها أولاً وأخيراً التحريض على الجيش». وبدا لافتاً أنه سبق الاعتداء الأخير، بأقل من 24 ساعة، موقفان تحريضيان ضده للنائب خالد ضاهر، و«هيئة علماء المسلمين»، بعدما شهد مسجد التقوى بعد صلاة يوم الجمعة الماضي هتافات مؤيدة لتنظيم «داعش». فقد شنّ ضاهر حملة قاسية على الجيش وقائده العماد جان قهوجي، محذراً من «قيام ثورة سنية»، ولوّح بتمرد الجنود السّنة في الجيش بدعوتهم إلى «العودة إلى ثُكَنهم ومنازلهم». أما «هيئة علماء المسلمين»، فرأت أن «تعرّض جنود الجيش للنازحين السوريين في عرسال»، وفق أفلام شاهدوها، يدعو إلى «دق ناقوس الخطر، واعتبار ما جرى قد تجاوز كل الخطوط الحمر».
مصادر مقربة من 8 آذار في المدينة سألت: «ألم يتجاوز الاعتداء على عناصر الجيش اللبناني الخطوط الحمر؟ ألا تستدعي هجمة التطرف والإرهاب الأعمى التي يقودها البعض باسم الدين والطائفة، ثم لا يسقط ضحيتها إلا أبناء الطائفة فقط ثورة سنية؟».

خاطفو العسكريين يحمّلون زوجة أحدهم مطالب لإطلاقهم


واستغربت المصادر عدم استنكار ضاهر وغيره من نواب تيار المستقبل في طرابلس والشمال وهيئة العلماء الاعتداء على الجيش أمس في البداوي، بينما «تراهم يستنفرون عند تعرّض أو توقيف أي مشتبه فيه، لبناني أو سوري، هل سيذهب ضاهر وغيره ومشايخ الهيئة إلى تكريت لتقديم واجب العزاء بالجندي حسين؟ وإذا ذهبوا ماذا سيقولون لأهله عندما يتهمونهم بأنهم يتحمّلون مقتل ابنهم نتيجة تحريضهم وتحريض سواهم ضد الجيش؟».
ولفتت المصادر إلى أن «أجواء التحريض بقيت كما هي تسير على وتيرة مرتفعة، ولم تتغيّر إلا شكلاً ومن حيث الشعارات، بينما بقي مضمونها واحداً، وحتى من يقودون هذه الأجواء التي توسّع رقعة الفكر المتشدد والتحريضي لم يتغيّروا، فلهم في كل عرس تحريضي قرص منه».

 

المخطوفون العسكريون

من جهة أخرى، حمّل إرهابيو «جبهة النصرة» في جرود عرسال رنا الفليطي زوجة العريف في قوى الأمن الداخلي المخطوف علي البزال، بعد لقائها معهم، مجموعة مطالب في إطار الضغط على الجيش والحكومة. وتضمنت المطالب التي أعلنتها الفليطي في مؤتمر صحافي «فتح ممر إنساني إلى عرسال». وأعلنت أنها وأهالي المخطوفين «سينفذون تحركات تصعيدية على مستوى سيفاجئ لبنان حكومة وشعباً». وطالبت زوجة العريف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بما سمّته «وقف سفك الدماء، وفتح المجال أمام المفاوضات، خاصة أن الوقت يدهمنا وخلال 48 ساعة ستسفك دماء العسكريين واحداً تلو الآخر».