بين بعبدا والرابية، سلك مسار التأليف أمس دروباً مُعبّدة بالتفاؤل و»الرسائل» علّها تجد طريقها نحو تذليل آخر العقبات والهواجس السياسية التي لا تزال تحول دون ولادة حكومة العهد. فبينما بدا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون حريصاً أمام زواره على تبديد «الخوف» من تأخير تشكيل الحكومة باعتباره «أمراً عابراً»، برزت بالتزامن سلسلة رسائل تطمينية وجّهها تكتل الرئيس النيابي توكيداً على حُسن النوايا الرئاسية باتجاه مختلف المكونات الوطنية وعلى نبذ أي «إلغاء أو عزل على الساحة المسيحية أو على أي ساحة أخرى» كما عبّر رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، مع التشديد في الوقت عينه على حتمية ولادة الحكومة العتيدة ضمن «سقف زمني معروف ومحكوم» بمعايير تقوم على معادلة: إعطاء كل ذي حق حقه «من دون السماح لأحد بقتل الانطلاقة الجديدة» للعهد.

باسيل، وبعد ترؤسه اجتماع تكتل «التغيير والإصلاح» في الرابية، دعا إلى فصل مسار الحكومة عن قانون الانتخاب تحت سقف وطني جامع يرفض قانون الستين والتمديد 

للمجلس النيابي القائم، مودعاً في الصندوق الحكومي رسائل تطمينية برسم المعنيين بعملية تبديد الهواجس لا سيما على ضفة بنشعي من خلال تأكيده «السعي إلى تمثيل الجميع في حكومة الـ24»، مُعدّداً جملة ثوابت عونية ترتكز على متانة العلاقة والتفاهم مع كل من «حزب الله» و«تيار المستقبل» و«القوات اللبنانية»، وتشمل «الطموح بالتوصل إلى اتفاق مع «حركة أمل» على دولة المواطنة»، مع التشديد في الإطار ذاته على أنّ «الخلاف الشيعي - المسيحي لن يحصل (...) والصدام مع الطائفة السنّية أمر محرم».

وتزامناً، كانت كتلة «المستقبل» تشدد على أهمية تسهيل مهمة الرئيس المكلف سعد الحريري للإسراع في إنجاز الحكومة والانطلاق نحو أفق جديد يزيل تراكمات المرحلة الماضية وسلبيات الشغور، لافتةً بعد اجتماعها في بيت الوسط برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة إلى أنّ «التأخر في تأليفها يعتبر معطلاً لتحقيق انطلاقة قوية للعهد الجديد». أما عن قانون الانتخاب، فجددت الكتلة التأكيد على «موقفها الثابت والداعم للصيغة المختلطة بين النظامين الأكثري والنسبي»، مذكّرةً ومتمسكةً بالاقتراح المشترك الذي سبق وتقدمت به مع «الحزب التقدمي الاشتراكي« و«القوات اللبنانية».

اعتداء بقاعصفرين

أمنياً، وفي حين توجه الرئيس الحريري أمس بأحر التعازي لعائلة الجندي الشهيد عامر المحمد ولأهالي مشتى حسن وكل عكار ولقيادة الجيش قائلاً عبر تويتر: «متحدون في وجه أي اعتداء على جيشنا وقوانا الأمنية»، لا تزال التحقيقات العسكرية مستمرة لكشف هوية المسلحين الذين هاجموا حاجز الجيش في منطقة بقاعصفرين ليل الأحد – الاثنين الفائت، وسط شكوك قوية بأن تكون «دوافعهم داعشية» ربطاً بالمعلومات التي سبق أن وردت للمؤسسة العسكرية في معرض التحذير من أنّ خلايا إرهابية تابعة لتنظيم «داعش» تحضّر لشن هجمات تستهدف بشكل عشوائي مراكز وأفراد الجيش.

واستيضاحاً لما بلغته التحقيقات، أكد قائد الجيش العماد جان قهوجي لـ«المستقبل» أنّ هناك «موقوفين يتم التحقيق معهم لكن مسار التحقيقات لم ينته بعد إلى نتائج نهائية حاسمة» بشأن الجهة التي تقف خلف الاعتداء، وأردف مضيفاً: «أياً كانوا من قاموا بهذا الاعتداء سنلقي القبض عليهم بالتأكيد».