عند الساعات الاولى من مساء  امس صدر بيان اميركي - روسي ان وزيري خارجية اميركا جون كيري وروسيا سيرغي لافروف اتفقا على استمرار الهدنة في حلب بعدما ظهر في الافق ان معركة كبرى آتية على منطقة حلب، خاصة انه بعد ثلاثة ايام من هدنة انسانية طرحتها قوات درع الفرات لم يخرج اهالي حلب من المدينة، قسم منهم لا يريدون مغادرة منازلهم، وقسم لان المسلحين منعوهم ، والقسم الاكبر  يريد البقاء في المدينة.
معركة حلب اصبحت معركة اقليمية، فيها درع الفرات والتحالف الدولي وفيها تدخل تركي كبير بالاضافة الى التدخل الروسي المباشر بحجم قوي لم يسبق له مثيل حتى في زمن معارك الشيشان.
مدينة حلب التي يسكنها مليون ونصف مواطن الآن، وعدد سكانها الاصليين يبلغ اربع ملايين ونصف، وتعتبر المعركة فاصلة، وهي الثانية خارج العاصمة دمشق، وفتيل التفجير في معركة حلب هي مدينة الباب ومساحتها 190كلم، وعدد سكانها ثلاثمائة الف نسمة وفق احصاء سنة 1980. 
الباب مدينة كانت تحتلها «داعش» فانسحب قسم كبير منها وبقي فيها لواء الفتح وتكفيريون وقسم من «جبهة النصرة» وآخرون جاءوا من مناطق كثيرة، ويقدر عدد المسلحين الرافضين للنظام في الباب بحوالى 22 الف مقاتل، بينما قرر الرئيس بشار الاسد بالتنسيق مع روسيا انهاء معركة= الباب، واتصلت موسكو بانقرة طالبة من الجيش التركي ان يتقدم نحو الباب للضغط عليها كي يقوم الجيش السوري مع حزب الله بالهجوم على مدينة الباب والسيطرة عليها لانه عند ذلك ستصبح منطقة حلب منطقة ساقطة وتحت نيران مرمى السلاح التابع للجيش النظامي السوري.
اقرب نقطة الى الباب يتمركز فيها الجيش السوري هي مطار كويرس العسكري والمعروف ان الجيش السوري خاض اعنف المعارك حتى استطاع السيطرة على مطار كويرس ورغم قصف المسلحين للمطار فان الطوافات السورية تستخدمه وتنقل اليه اسلحة وذخيرة ومعدات باعداد كبيرة.

ـ حسم المعركة في الباب ـ

قرار القيادة السورية بحسم المعركة في الباب ظهر من خلال انتقال الفرقة الاولى من خط دمشق على طريق حمص، وقيادة الفرقة الاولى كانت في معلولا ثم انتقلت الى منطقة النبك، والآن انتقلت الى مدينة الباب وعديدها 15الف ضابط وجندي ورتيب، حيث بدأت بحفر الخنادق وتركيز المدافع وتحضير الوحدات بالهجوم على المدنية، والفرقة الاولى كان عديدها 35 الف جندي، لكن مع الحرب والاسشتهاد خلال المعارك والفرار والجرحى اصبح عديدها 15 الف جندي، لكنه مؤلف من عناصر مدربة ومقاتلة وشاركت بالمعارك طوال 5 سنوات ولها خبرة ميدانية قوية جداً. ومن المقرر ان ينطلق الجيش السوري بثلاثة افواج من الوحدات الخاصة ضد التكفيريين باتجاه مدينة الباب على ان تتقدم الفرقة الاولى من شرق وجنوب حلب باتجاه المدينة، مع العلم ان الطائرات الروسية والسورية لم تتوقف امس عن قصف مدينة الباب ولكن ليس في الاحياء السكنية بل مخازن الاسلحة ومرابض راجمات الصواريخ ومراكز اتصالات المسلحين، ويعتقد ان التكفيريين نصبوا فيها صواريخ مضادة للطائرات من غير نوع سام - 7 بل من نوع صاروخ روسي متطور لا يحمل على الكتف بل يركز على الارض ويتم اخفاؤه ويربط برادار ويمكن وضعه قرب الشجرة كي لا يتم اكتشافه. لكن الطائرات الروسية ومن خلال استخدامها لآلات التشويش الالكترونية استطاعت كشفها وقصفها خلال نهار امس. 

ـ الهدنة لا تشمل مدينة الباب ـ

وعندما وجدت واشنطن ان الجيش العربي السوري وبدعم روسي سيهاجم المدينة وان الجيش التركي سيتقدم نحو الباب بموافقة روسية تم الاتصال بين وزيري خارجية واشنطن وموسكو واتفقا على هدنة في حلب تشمل محيطها، لكن يبدو ان مدينة الباب لا تشملها الهدنة بدليل القصف المستمر من قبل الجيش السوري براجمات الصواريخ ضد مواقع المسلحين داخل المدينة ومن قبل مدفعية جيش النظام السوري  وقصف الطائرات الروسية بالاضافة الى قصف الطيران السوري الذي كان كثيفاً على المدينة. فيما المسلحون في مدينة الباب يحضرون لمعركة من اشرس المعارك التي قد تحصل لكن ما تركته داعش في مدينة الباب من عبوات ناسفة والغام على الارض قد تعيق تحرك لواء الفتح وجبهة النصرة لانها ستنفجر بهم اثناء تنقلاتهم وهم لا يعرفون اماكنها لان «داعش» لم تترك خرائط لاماكن زراعة العبوات. 

ـ دخول واشنطن على الخط ـ

بسبب خطورة الوضع في حلب ومدينة الباب دخلت واشنطن على الخط لعلها توقف المعركة ونحن على بعد ساعات من بدئها بشكل عنيف جداً خاصة ان الجيش السوري استقدم الوحدات الرئيسية الى مدينة الباب للسيطرة عليها وتسهيل اختراق جبهة حلب من الجنوب والشمال لاحقاً لان الهدف الاستراتيجي للجيش السوري حالياً هو السيطرة على مدينة حلب، وهذا القرار هو قرار متفق عليه بين الرئيس الروسي بوتين والرئيس السوري بشار الاسد.
الآن، اصبحت مدينة الباب محاصرة ولا يستطيع احد الخروج منها او الدخول اليها بسبب محاصرتها من قبل الجيش النظامي السوري وحزب الله والطيران السوري والروسي اضافة الى قوات تركية دخلت المنطقة واقامت سورا حول مدينة الباب، وهي تنتظر اذناً من موسكو للهجوم على الباب، لكن روسيا حتى الآن وتحت ضغط  سوري من القيادة العليا لم تعط الاذن للاتراك بالهجوم على الباب. لان السؤال هو ماذا بعد السيطرة على مدينة الباب، فاذا دخلت تركيا المدينة فانها تصبح على مسافة 28 كيلومتراً من حدود حلب وانها قد تسيطر عسكرياً من خلال التقدم على حلب وقد  تمنع الجيش السوري من السيطرة على العاصمة الثانية في سوريا. وهذا الامر، لا ترضى به القيادة السورية وقالت في بيان ان الطائرات التركية سيتم قصفها ومحاولة اسقاطها اذا خرقت الاجواء السورية وخاصة اذا قصفت حلب، لكن الطيران التركي استمر في خرق الاجواء السورية دون قصف حلب لان المنظومة السورية اس - 300 واس - 400تم تجهيزها لقصف اي طائرة غير سورية وغير روسية، لان الصواريخ الروسية مزودة بآلات الكترونية من منظومة الدفاع الروسية لا تطلق الصواريخ تجاه الطائرات الروسية والسورية، والطائرات التركية لا تملك هذه التقنية واذا دخلت الطائرات التركية اجواء حلب باستطاعة المنظومة الروسية اس - 300 واس - 400 ان تسقطهما. وقد اعلنت القيادة الروسية  خلال شهر آب ان منظومة الصواريخ الروسية اصبحت بامرة الجيش السوري ولم تعد تحت امرة الجيش الروسي، وبانه اذا تم اسقاط طائرة تركية دخلت المجال الجوي السوري فسيتم اسقاطها ليس بقرار روسي بل بقرار سوري دفاعاً عن المجال الجوي السوري في وجه الطائرات التركية التي تخرق الاجواء.
ساعات تفصلنا عن معركة الباب الا اذا ضغطت واشنطن بكامل ثقلها كي لا يسيطر الجيش السوري وحلفاؤه وتحديداً روسيا على مدينة الباب، وتلغي المعارضة التي ما زالت تركيا تدعمها تارة تحت الطاولة واحياناً فوق الطاولة او عبر السعودية او قطر وحتى تركيا. 

ـ حشود الجيش السوري ـ

هنالك 450 دبابة سورية تحيط بمدينة الباب وكذلك هناك 800 مدفع سوري تحيط بالباب، كما ان الطائرات السورية والروسية قادرة على تزويد حوالى 50 طائرة الى 100طائرة بقصف الباب واسقاطها.واذا كانت المعارضة السورية تتحدث عن دفاعها عن الباب فحقيقة الامر وفق مراسل جريدة «Independant» البريطانية الموجود على حدود السورية- التركية ان مدينة الباب ساقطة عسكرياً امام الجيش السوري والروسي، لا بل ان المعركة اصبحت روسية مع الثوار عبر مدينة الباب، ويقول المراسل ان الطائرات الروسية لا تنفك تقصف الباب بشكل لا مثيل له، والثوار يقولون اننا نخوض معركة ضد روسيا اكثر مما نخوض معركة ضد الجيش السوري. لكن الجيش السوري يستعد للدخول براً الى الباب خاصة ان ضابطاً تركياً يقول: لقد تشتت المقاتلون داخل الباب واكبر عدد منهم اصبح مجتمعاً على محور واحد لا يزيد عن 1000 عنصر، كذلك فان تنسيق النيران، وتشتت الثوار يجعلهم غير قادرين على قصف حلب ولا يستطيعون قصف القرى في محيط حلب لان فيها معارضة ويركزون قصفهم على مطار كويرس المحصن بالدشم والذي تنهال منه مدفعية الجيش السوري على مدينة الباب لاسكات مرابض الصواريخ ومدفعية التفكيريين.

ـ ماذا بعد معركة الباب؟ ـ

والسؤال الآن الرئيسي: ماذا بعد معركة الباب اذا حصلت وسيطر الجيش السوري على اربعمئة الف مواطن ومساحة 190 كيلومتراً وعلى هضاب بلدة الباب التي تطل على حلب يعني ان معركة حلب الفعلية بدأت وستصبح ميدانية وليست حرب دشم وانفاق او قصف جوي بل تصبح معركة الوية وافواج ضد مجموعات من الثوار ينتشرون في المدينة لكنه يتم قصفهم من الطائرات اضافة الى القصف المدفعي خصوصاً ان الجيش السوري يملك اهم اسلحة مدفعية في المنطقة.