إذا كانت حركة الرئيس سعد الحريري قد نجحت بمجرد انطلاقتها في هزّ أرضية الشغور وزعزعة أسسه القائمة على المراوحة والدوران في دوامة الفراغ المفرغة، ورغم أنّ المعطلين للنصاب الرئاسي نجحوا في إحراز جولة تأجيل جديدة للاستحقاق تمتد أقلّه شهراً إضافياً مع تحديد رئيس مجلس النواب نبيه بري 31 تشرين الأول موعداً للجلسة الرئاسية الـ46، غير أنّ الحدث الأبرز بالأمس تجلى في خروج «المردة» من «قمقم» تعطيل النصاب الذي يفرضه «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» على جلسات انتخاب الرئيس ليخرق بذلك رئيس التيار النائب سليمان فرنجية جدار الصمت عن أحقيته الرئاسية متحرراً من قيود لعبة العضّ على «جرح» الحلفاء الرئاسي التي اضطرته على مضض إلى التغيّب عن الجلسات الرئاسية طيلة الفترة السابقة على الرغم من استحواذ ترشيحه على دعم أكثرية نيابية وازنة تخوّله فور اكتمال النصاب تبوّؤ سدة رئاسة الجمهورية.

تمرّد «المردة» على «قمقم» 8 آذار التعطيلي، جاء على صورة حضور عضو كتلته البرلمانية النائب أسطفان الدويهي للمرة الأولى الجلسة الرئاسية أمس ليخرج بعد انفراط عقدها ببيان مكتوب تلاه على مسمع ومرأى من الحلفاء والخصوم «مطمئناً الجميع» إلى استمرار ترشيح فرنجية «لما له من صفات تجعله الأقرب إلى تحقيق التوافق الوطني المطلوب بإلحاح في هذه المرحلة التاريخية والمفصلية»، مذكّراً في هذا المجال بموقف الرئيس الحريري «الواضح» ومتعهداً باسم «المردة» العمل مع «جميع المخلصين من أجل لبنان الشراكة والمؤسسات الواحد الموحد» مع إبداء العزم على مواجهة «كل محاولة لتغيير الصيغة اللبنانية الفريدة». وإذ رفض مبدأ انتخاب رئيس الجمهورية «في الغرف المغلقة» لأنه يكون بذلك «أسير صفقات ومساومات غير واضحة»، أردف بالقول: «نحن لسنا أصحاب مقاربات شخصية وحين نكون أمام خيارين خيار المصلحة الشخصية وخيار المصلحة الوطنية لا نتردد بتقديم المصلحة الوطنية»، مؤكداً رداً على أسئلة الصحافيين أنّ نواب «المردة» جاهزون للحضور جميعاً في جلسات انتخاب الرئيس وأنّ موقفه هذا «هو بالتنسيق مع الوزير فرنجية».

وما لم يقله الدويهي بشكل مباشر، كان قد عبّر عنه فرنجية نفسه في تغريدة مباشرة عبر موقع «تويتر» حذر فيها بالتزامن مع موعد انعقاد جلسة انتخاب الرئيس من تداعيات سلبية على الوطن في حال وصول رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون إلى سدة رئاسة الجمهورية، رأى أنها ستكون مشابهة تماماً لتلك التداعيات التي نتجت عام 1988 عن تسمية الرئيس أمين الجميل العماد عون رئيساً للحكومة.

الحريري يتابع جولته

في الغضون، ومتابعةً لجولة مشاوراته الوطنية على القيادات والمسؤولين، زار الرئيس الحريري ظهر أمس بيت الكتائب المركزي في الصيفي حيث التقى رئيس الحزب النائب سامي الجميل واستعرض معه التطورات والمستجدات الراهنة، قبل أن يتوجها للقاء الرئيس أمين الجميل في بكفيا حيث جرى استكمال المباحثات إلى مائدة الغداء التي أقامها الرئيس الجميل على شرف الرئيس الحريري والوفد المرافق.

قهوجي وسلمان.. باقيان

على صعيد آخر، ومع انقضاء الأسبوع الأخير من أيلول من دون انعقاد مجلس الوزراء للنظر في ملف التعيينات العسكرية تحت وطأة تضامن «حزب الله» مع المقاطعة العونية للحكومة، يستعد وزير الدفاع سمير مقبل عشية انتهاء ولاية كل من قائد الجيش جان قهوجي ورئيس الأركان اللواء وليد سلمان غداً إلى إصدار قرار اليوم يعمم فيه بموجب صلاحياته الدستورية والقانونية وبالاستناد إلى نص المادة 55 من قانون الدفاع الوطني تأجيل تسريح قهوجي لمدة عام إضافية منعاً للشغور في موقع قيادة الجيش، في حين من المرتقب أن يُصدر مقبل قراراً آخر يقضي باستدعاء سلمان من الاحتياط بعد انتهاء ولايته بدءاً من السبت في 1 تشرين الأول ليكون بذلك الضابط الأعلى رتبة في المؤسسة العسكرية بعد قائد الجيش يتم استدعاؤه من الاحتياط ريثما يتمكن مجلس الوزراء من الانعقاد لتعيين بديل أصيل يتولى مهام رئاسة الأركان.