ما تميّز به اليوم الأوّل من الأسبوع، نبرة الهدوء سواء عبر التصريحات أو المواقف، حيث تقدّم مناخ الرغبة لمعالجة أزمة النفايات، وكادت الأزمة الحكومية تبرد كلياً أو على الأقل سحبت إلى داخل الاجتماعات المغلقة لتسلك سبل المعالجة بعيداً عن الوعيد والتهديد، أو شوط المواقف غير المحسوبة التي لا يمكن ان تؤدي إلى نتائج لا سياسية ولا عملية.
ومن المؤكد أن تداعيات الحرب السورية بدخول التركي طرفاً مباشراً على أرضها، والحسابات الإقليمية والدولية، التي دفعت بأنقرة إلى الاشتراك المباشر بالحرب عبر العمليات الدائرة في الشمال السوري، فرضت ما يمكن أن يوصف بأنه «هدنة معالجة»، لمنع لبنان من أن يتأذى من شظايا تداعيات الحرب في سوريا.
وكشفت مصادر سياسية واسعة الاطلاع لـ«اللواء» أن اجتماعات عقدت بين قياديين من حركة «امل» و«حزب الله» في نهاية الأسبوع تناولت التحضيرات الجارية لإحياء الذكرى الـ38 لتغييب الإمام السيّد موسى الصدر ورفيقيه في ليبيا في 31 آب عام 1978، فضلاً عن الأوضاع الأمنية في البلاد والوضع السياسي بعد مقاطعة وزراء «التيار الوطني الحر» و«الطاشناق» جلسة مجلس الوزراء الخميس الماضي، والموقف المشترك الذي يتعين اتخاذه لحصر ذيول الأزمة ومعالجة الوضع قبل جلسة الحوار الوطني في 5 أيلول ومجلس الوزراء في الثامن منه.
وكشفت هذه المصادر، أن تبدلاً طرأ على المواقف لجهة عدم التفريط بالحكومة القائمة، واعتبارها «حبل السرّة» بالنسبة لاستمرار وحدة المؤسسات ومنع أية تفاعلات في الشارع والحفاظ على المؤسسات الراعية للاستقرار، لا سيما طاولة الحوار، وحماية الاستقرار الأمني والاقتصادي.
بالمقابل، أكّد مصدر وزاري لـ«اللواء» أن لا معطيات جديدة في ما يتعلق بما آلت إليه الاتصالات في شأن مجلس الوزراء الخميس المقبل.
ولم يشأ المصدر التكهن بما إذا كان مجلس الوزراء سيتطرق إلى التعيينات العسكرية أم لا في حال انعقاده.
ونقل المصدر عن الرئيس تمام سلام انه لا يعتبر أن هناك صراعاً بينه وبين «التيار الوطني الحر»، ولا حتى بين التيار والحكومة، إنما هناك صراع سياسي بين الأطراف السياسية، وعليها أن تتحاور للتوصل إلى حلول وتفاهمات، وتجنب المزيد من المشكلات.
ووفقاً لهذا المصدر فان الرئيس سلام أبلغ من يعنيه الأمر انه لن يستدرج لإجراء اتصالات مع أي طرف وهو لم يتورط في الأزمات وليس طرفاً فيها.
في هذا الوقت، أبلغ وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، الرئيس نبيه برّي لدى زيارته عين التينة أمس، سبب غيابه عن جلسة مجلس الوزراء، مشدداً على نقطتين:
1 - النقطة الأولى تتعلق بأن لا علاقة لغيابه عن الجلسة بأي شكل من الأشكال بمقاطعة التيار العوني، لا من جهة التضامن ولا من جهة التنسيق أو أي أمر آخر.
2 - النقطة الثانية تتعلق بتسجيل رسالة عتب على خلفية المشاورات التي جرت في السراي الكبير مع عدد من الوزراء حول تأجيل أو عدم تأجيل جلسة مجلس الوزراء، حيث أن الوزير المشنوق يعتبر انه كان يجب أن يكون في أجواء المشاورات التي حصلت.
إلى ذلك، كشف مصدر نيابي في «تكتل الإصلاح والتغيير» ان التكتل سيجري مراجعة في اجتماعه اليوم، للموقف السياسي، ومواقف الأطراف بمقاطعة التيار الوطني للجلسة الأخيرة، وما تعين اتخاذه في حال تمّ الإصرار على عقد جلسة لمجلس الوزراء في الثامن من المقبل.
ورأى المصدر العوني ان صمت النائب ميشال عون لا يمكن ان يستمر وإن كان يفضّل إعطاء المزيد من الوقت للاتصالات الجارية.
ولاحظ هذا المصدر ان هناك مجالاً بعد للأخذ والرد، نظراً لحراجة الموقف وما ينجم عن أية خطوة من عواقب غير محسوبة.
ورأت مصادر قيادية في قوى «14 آذار» ان التصعيد من جانب «حزب الله» في وجه المستقبل وتصعيد «التيار الوطني الحر»  في وجه الحكومة هو مدروس ومنسق بين الطرفين في إطار الضغط لإرغام «تيار المستقبل» على السير في خيار عون، وانطلاقاً من ان رئيس تيّار المستقبل الرئيس سعد الحريري مستمر في ترشيح رئيس تيّار المردة النائب سليمان فرنجية وهو لن يساوم على هذا الترشيح.
النفايات
بيئياً، وضعت لجنة المال والموازنة النيابية يدها على أزمة النفايات التي عادت تُهدّد بإنشاء الأوبئة، بعدما ملأت الشوارع والساحات في المتن الأعلى وهددت أبواب المستشفيات والمرافق الحيوية في المنطقة.
وكان الأبرز مشاركة الأطراف الأساسية المعنية بالأزمة حزب «الطاشناق» ممثلاً برئيسه اغوب بقرادونيان ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل والتيار الوطني الحر المتمثل بأمين سر التكتل (رئيس لجنة المال والموازنة) النائب إبراهيم كنعان، ووزير الزراعة المكلف بملف النفايات اكرم شهيب وحضور رئيس مجلس الإنماء والاعمار نبيل الجسر.
وبعد ثلاث ساعات من النقاشات الحامية، اتفق على الاعتماد على «لا مركزية» النفايات على ان يعقد اجتماع غداً الأربعاء بحضور رؤساء اتحادات المتن وكسروان وبعبدا ورئيسي بلديتي الجديدة وبرج حمود للاطلاع على خطط البلديات وجهوزيتها إذا ما اتفق على اعتماد لامركزية النفايات.
وفيما طرح بعض النواب الإسراع باللامركزية الإدارية التي ستطرح أيضاً على طاولة الحوار الاثنين المقبل، اعتبر المهندس الجسر ان الحل الالتزام بخطة مجلس الوزراء والتسريع بتلزيم معمل المعالجة والفرز.
وفهم من مداخلة الوزير شهيب ان الحل لعدم رمي النفايات في شوارع المتن أو تحويل المنطقة إلى مكب، يكون باحترام الخطة المتوازنة التي اقرها مجلس الوزراء وإعادة فتح مطمر برج حمود امام الشاحنات التي تجمع النفايات وتعمل على فرزها، بصرف النظر عن الثغرات التي تشوب هذه الخطة والتي يمكن ان تعالج.
ميدانياً، ما تزال  شوارع المتن الشمالي وكسروان غارقة بالنفايات وعمل البلديات يقتصر على رشّ الكلس ومحاولة تجميع النفايات لكي لا تسدّ الطرقات، فيما المواطنون يعانون من المشكلة ويتخوفون من استمرارها وإطالة امدها وانعكاساتها الصحية والبيئية على حياتهم.