الى الشارع...
كيف والى اين؟ الشارع الذي يفضي الى قصر بعبدا أم الشارع الذي يفضي الى... المحرقة؟
ديبلوماسيون أجانب ويرون انه يفترض بكل اللبنانيين ان ينزلوا الى الشارع بعدما طحنتهم الفضائح، والصفقات، والأزمات، الكل يستغرب كيف ان لبنان من دون كهرباء، ومن دون ماء، ومن دون طرقات.
الكل يستغرب ان أزمة القمامة باتت تشبه أزمة الشرق الاوسط، ودائماً بسبب صراع المافيات، وصراع الطوائف، حتى على القمامة.
قيادات مسيحية من «حكماء القوم» وتنظر بقلق الى ما يحدث امامها. تسأل ما اذا كان جبران باسيل يريد ان يخوض اختبار القوة، ويريد ان يثبت انه الوريث الشرعي، والحقيقي، للجنرال،لا سمير جعجع ولا شامل روكز...
رئيس التيار الوطني الحر لن ينتظر ما تقوله صناديق الاقتراع التي وصفها قيادي في التيار فصل أخيراً بـ«الصناديق المتفجرة» لأنها ستأتي بالويلات على التيار، لا بل ان القيادي إياه يصف الشارع بأنه المحرقة، يخشى ان يكون الجنرال هو الضحية الاولى للمحرقة.
لافتة كانت جولة باسيل في بعض بلدات الجنوب يوم الأحد. كثيرون تساءلوا ما اذا كان قد قصد أن يذهب الى الرئيس نبيه بري في عقر داره، وان كانت الغاية المباشرة هي استنفار مسيحيي هذه البلدات للنزول الى الشارع عندما يدق النفير.
جهات مسيحية وقريبة من رؤية التيار الوطني الى الأمور تسأل ما اذا كانت الشعارات التي ترفع حالياً هي شعارات من يريد أن يكون رئيساً للجمهورية، لتضيف هذه الجهات ان مسلمي لبنان (سنّة وشيعة) هم في أزمة كبرى تتعدى بمفاعيلها، واسقاطاتها، أزمة المسيحيين التي ليست أزمة وجود في حال من الاحوال...
وفي نظر هذه الجهات، ومنها جهات روحية، فان دور المسيحيين يجب أن يكون وطنياً بامتياز لا مسيحياً بامتياز، اي السعي، قدرالمستطاع، لرأب الصدع بين السنة والشيعة أو على الأقل لاقامة منطقة (سياسية) عازلة، وليس اقامة «حلبة صغرى» داخل «الحلبة الكبرى».
وتشير الى ان اي شعارات طائفية في الظروف الراهنة هي شعارات قد تساعد على تدمير الطائفة كما على تدمير لبنان.
الجهات إياها ترى ان ما يقال الآن يعني الاعداد لصدام مع طوائف أخرى تتهم علناً بأن قادتها انما هم أكلة لحوم المسيحيين»، حتى ان السبب الرئيسي للشغور الرئاسي هو الصراع الاقليمي الذي يرخي بظله على الساحة اللبنانية.
والواقع ان هناك اشادات من عواصم عالمية بأن قادة السنة والشيعة تمكنوا من ضبط الايقاع حتى الساعة، اذ ان هناك قوى خارجية بذلت كل جهودها، وأقامت الشبكات والخلايا، وأنفقت اموالاً هائلة، وحرضت علناً وفعلت ما فعلت من اجل الحاق الساحة اللبنانية بالساحة السورية دون أن تفلح في تفجير لبنان.
هذا فيما قضية المسيحيين هي من سيكون رئيس الجمهورية، ولا أحد يشك في الحيثية الشعبية والقيادية للعماد ميشال عون، ولا في نزاهته، وكان يمكن ان يكون فؤاد شهاب الثاني لو لم يضع «نقطة ضعفه» في الضوء لتظهر رئاسة الجمهورية وكأنها قضيته الاولى والأخيرة.
وما يتم تداوله ديبلوماسياً الآن ان رئاسة الجمهورية في ثلاجة الى أن يتبلور المسار السوري الذي لا ريب انه دخل مرحلة جديدة، وانطلاقاً من «الحالة التركية».
وهنا تقول المعلومات ان تطور الاحداث يميل لمصلحة عون، حتى ليتردد ان الرئيس الحريري سمع في أنقره كلاماً مختلفاً عن الكلام الذي يسمعه في الرياض أو جدة، وهذا ما يزيد في حدة (وتوتر) المسؤولين السعوديين الذين يمسكون بالملف اللبناني.
استطراداً، فان التصعيد الذي صدر (فجأة) عن وزراء ونواب في تيار المستقبل قد يكون بايحاء جهات سعودية، وناجماً عن سخط الرياض، لكون الاستدارة التركية، وان في حدود تكتيكة معينة، افقدتها العديد من الخيوط الحساسة في سوريا، وهو ما ينعكس بطبيعة الحال على لبنان.
وفي هذا الصدد، يقول سفير عربي في بيروت لـ«الديار» «واضح ان عون ليس من النوع الذي يمكن ان يكون رجل دمشق، او رجل ايران، في لبنان، وحين يصبح في قصر بعبدا لا بد أن يتخلى عن تلك «التعرجات» او «النتوءات» في مساره السياسي ويتصرف كرجل للجميع، والحقيقة اننا لا ندري لماذا ذلك الفيتو السعودي ضد وصوله الا اذا كانوا يريدون رئيساً يعلن، في اليوم الأول من ولايته الحرب ضد «حزب الله».

ـ فتفت: التصعيد... التصعيد ـ

التصعيد بلغ ذروته في تصريح للنائب احمد فتفت استخدمت فيه تعابير لم تكن لتستخدم من قبل، ولا بد أن يطرح اسئلة حاسمة حول جدوى الحوار، وحول منطق التشارك في حكومة واحدة اذا كان «حزب الله»، وكما وصفه نائب الضنية، «سرطاناً حقيقياً في البلاد بسبب التعطيل، وكذلك بسبب سلاحه غير الشرعي، حتى اذا لم يعد الى قناعته الوطنية، فلن نصل الى نتيجة ايجابية في البلاد».
فتفت اخذ في طريقه الرئيس نبيه بري، معتبراً ان من حق هذا الأخير «ان يتمسك بالسلة، ولكن نحن ندرك ان «حزب الله» هو من يطالب بهذه السلة».
ولاحظ «ان التصريحات التي تقول انه بمجرد تطبيق السلة سيتم انتخاب رئىس يدل على ان من يطالب بالسلة هو سبب التعطيل ويحاول تعطيل عمل المؤسسات الدستورية»، مضيفاً بأن «الاولى بنا ان نذهب الى انتخاب رئيس».
ورأى فتفت «ان الحوار لن يتقدم اذا لم نقدم على هذه الخطوة»، دون ان يتوقع «اي تقدم في جلسة الحوار ما دامت لا توجد هناك اي مبادرات لا من «حزب الله» ولا من التيارالوطني الحر انما مزيد من المزايدات السياسية».
اوساط سياسية وسألت ما اذا كان فتفت «فاتح على حسابه»، ليتجاوز كل الخطوط الحمراء حتى في شروط «ربط النزاع» مع «حزب الله»، ام ان اشارة وردت اليه بالتصعيد على ذلك النحو وباستخدام كلمة ضد الحزب تستخدم عادة ضد اسرائيل.
كما كان لافتاً هجوم فتفت حتى على بري من خلال «السلة» التي اعتبر انها صناعة الحزب ويتولي بري تسويقها.

ـ الامور فلتانة ـ

قطب سياسي في 8 آذار قال لـ«الديار» «نحن نعلم ان الامور «فلتانة» داخل تيار المستقبل الذي تحوّل الى «حارة كل من ايدو الو»، ولكن ان يقال مثل ذلك الكلام بحق «حزب الله»، فهذا تصعيد خطير، ويفترض بالحريري اما ان يوضح هذه المسألة او ان يتخذ اجراء بحق من قال ذلك الكلام.

ـ الموسوي والحل ـ

ثمة موقف للنائب نواف الموسوي توقفت عنده قيادات 14 آذار، وترددت معلومات تفيد بأن شريطاً مسجلاً عن الموقف ارسل الى الحريري، اذ اعتبر «اننا لم نعد بعيدين عن الحل السياسي الذي يخرج اللبنانيين من ازماتهم الدستورية، لا سيما وان المسار الذي بدأه رئىس تيار المستقبل يا يزال قائماً وقبل منا جميعاً في فريقنا السياسي، لا سيما التيار الوطني الحر، واتخذنا تجاهه مواقف بينما ما صدر عن سماحة الامين العام السيد حسن نصرالله، بالتالي لا تزال الطرق مفتوحة ولا توجد اي عقبات بل ان الامور تحتاج الى تعجيل».
اضاف الموسوي «يجب الا تطول فصول رواية «الاخوة الاعداء» الذين يقاتلون في تيار المستقبل على من يكون رئىساً للحكومة لأن احد اسباب عدم حسم الموقف، فضلاً عن التردد وعدم الحزم الدولي، فضلاً عن التردد الاقليمي، هو هذه الحرب الشعواء التي تدور داخل التيار حول من يصل الى السرايا الحكومية».
وقال الموسوي «ما زلنا رغم السلبية التي تشاع في الوسط الاعلامي نؤكد تفاؤلنا بامكان التوصل الى تفاهم يبدأ من التيار الوطني الحر وتيار المستقبل، ويكتمل بتوافق وطني يؤدي الى انتخاب العماد عون رئىساً للجمهورية، والى تشكيل حكومة تتمثل فيها الجهات الفاعلة والمؤثرة، والى قانون انتخاب يتيح للشعب اللبناني ان يختار ممثليه على نحو يحفظ التوازن والشراكة من خلال دقة التمثيل بحيث لا يمكن لاي قانون ان يغيّب اي فئة على فئة اخرى».
وشدد على انه مثلما كان عون وتياره الى جانب اهلنا وشعبنا ومقاومتنا في عدوان 2006، وبالتالي فاننا كنا في المراحل الاصعب الى جانب عون فكيف اليوم؟

ـ موفد للحريري عند عون ـ

وتؤكد «الديار» ان موفداً للحريري كان قد ابلغ عون، منذ اسبوعين تقريباً وقبيل كلمة السيد حسن نصرالله في ذكرى انتصار تموز، انه مستعد لأن يدعم ترشيحه لرئاسة الجمهورية، سائلاً ما اذا كان فريق الجنرال يقبل به كرئيس للحكومة.
وقد تكون اشارة السيد نصرالله في صدد الانفتاح على الحريري لرئاسة الحكومة قد وردت في هذا السياق، لينتظر نواب المستقبل 24 ساعة قبل ان يحملوا على ما دعوه بـ«المبادرة» لانها في نظرهم قفز فوق الدستور.
وردات الفعل هذه اثارت الكثير من التساؤلات، وما اذا كانت قيادات تيار المستقبل تعلم اوركسترالياً ام ان هناك اكثر من مايسترو، واكثر من اتجاه، واكبر من ارتباط، داخل التيار.

ـ طورسركيسيان في الرابية ـ

لكن دلالات معينة اعطيت امس لزيارة عضو كتلة المستقبل النائب سيرج طوسركيسيان للرابية، ليصف الزيارة بـ«الضرورية ويجب ان نقوم بخرق ما»، مضيفاً بأنه «ليس هناك من جدران تبنى في السياسة، فكل شيء يمكن ان يتغير».
الى ذلك، اعتبر وزير العمل سجعان قزي «ان تصرفات السياسيين المسيحيين هي من اوصلتهم (اي المسيحيين) الى هذه المرحلة»، مشيراً الى «ضرورة عدم نقل التيار الحر الصراعات الداخلية الى صراعات وجودية».
وقال «على السياسيين المسيحيين ان يتحاوروا برعاية البطريرك مار بشارة بطرس الراعي للبحث في الامور العالقة»، سائلاً «في حال استقالة الحكومة هل ستعود للمسيحيين حقوقهم؟».
في سياق متصل، شدد وزير المال علي حسن خليل على «التمسك بالحكومة لانها ضرورة وطنية»، مشيراً الى «اننا امام دولة لم تصل الى مستوى الدولة، لذلك يجب العمل لبناء دولة المواطنة في لبنان».
ووصف الدولة الحالية بـ«المريضة» و«اصابها العجز ولم تستطع ممارسة دورها لانتخاب رئيس الجمهورية، وهي تمارس قتلاً للمؤسسات وتعطيلاً لها».