دخل ملف «الاتصالات» مرحلة جديدة من التأزّم مع تصاعد السجال من حوله في جلسة مجلس الوزراء أمس بين وزير الاتصالات بطرس حرب من جهة ووزراء التيّار «الوطني الحر» والحزب «التقدمي الاشتراكي» من جهة ثانية، قبل أن يحسمه رئيس مجلس الوزراء تمام سلام ويدعو إلى ترحيل هذا الملف إلى الجلسة المقبلة التي دعا الوزراء إلى أن يكونوا مستعدّين لها كونها قد تتضمن «قرارات مهمّة» في هذا الخصوص من دون أن يفصح عن مضمون هذه القرارات.

وكان الوزير حرب أودع مجلس الوزراء تقريراً مفصلاً من 19 صفحة مقروناً بمستندات ووثائق، معتبراً، حسب مصادر وزارية، أن التقرير لا يحتاج إلى شرح ما دام وزّع على الوزراء وبالتالي لا حاجة لتضييع وقت زملائه، آملاً منهم سماع ملاحظاتهم للردّ عليهم. وسرعان ما طلب الكلام وزير الخارجية جبران باسيل فاعتبر أن الوزارة مسؤولة عن عملية الاعتداء على الانترنت غير الشرعي لأنها لم تكن توفّر هذه الخدمة، مضيفاً أنه لا يجوز لوزير الاتصالات تمديد العقود بوجود مجلس الوزراء بما يخص عقد الصيانة لـ«أوجيرو» بـ176 مليار ليرة.

ثم حمل الوزير وائل أبو فاعور على المدير العام للصيانة والاستثمار ورئيس هيئة «أوجيرو» عبدالمنعم يوسف، منتقداً كيف يتولّى مسؤوليتين متناقضتين، مطالباً بنزعهما وباتخاذ تدبير إداري بحقّه وإلاّ فهو سيضطر للانسحاب من الجلسة، وهو الموقف نفسه الذي أعلنه الوزير أكرم شهيب. لكن عضوَي كتلة «الوفاء للمقاومة» الوزير حسين الحاج حسن ومحمد فنيش أدليا بمواقف لافتة للانتباه حيث اعتبر الأول أن يوسف لم يعيّن نفسه في هذين المنصبَين ولا يتحمّل مسؤولية ذلك بل إن مجلس الوزراء مَن فعل ذلك ومَن يتحمّل المسؤولية، فيما اعتبر الثاني أن ملف الاتصالات أثير بعدما اكتشفت وزارة الاتصالات فضيحة الانترنت غير الشرعي والتخابر غير الشرعي وطالبت بملاحقة الفاعلين وقامت عليها القيامة، داعياً إلى التحقيق حولهما واتخاذ القرار.

وفيما حمّل نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع سمير مقبل مسؤولية الانترنت غير الشرعي إلى الأجهزة التي تشمل الجمارك والقوى الأمنية في موضوع إدخال التجهيزات، سأل الوزير الياس بوصعب الوزير حرب عن اللجنة التي شكلها في موضوع الانترنت، فأجابه بأنها وضعت في تصرف القضاء لمواكبة التحقيق.

أما الوزير رشيد درباس فرفض التحقيق في مسلكية يوسف لا سيما أن قرارات قضائية برّأته مما أسند إليه من اتهامات. فيما سأل الوزير نبيل دي فريج عن الأسباب التي دعت إلى تعيين يوسف في المنصبَين اللذين يشغلهما، لافتاً إلى القانون رقم 431 الصادر سنة 2002 بعد مؤتمر باريس-2 الذي قرر وزراء الاتصالات العونيون المتعاقبون عدم تنفيذه فعطلوا القانون، وكان تعيين يوسف آنذاك على أساس أن يتولى المنصبَين لأشهر قليلة ليبدأ تطبيق القانون الذي رفض الوزراء باسيل ونقولا نحاس ونقولا صحناوي تطبيقه فبقي يوسف ممارساً للمنصبَين. وخلص دي فريج إلى اعتبار أن المسؤولية ليست على يوسف إنما على مَن عيّنه، مشيراً إلى أن عدم تنفيذ القانون كان قراراً سياسياً وهذا ما ترجمه اضطهاد رئيس الهيئة المنظمة للاتصالات آنذاك الذي اضطر للاستقالة لأن الوزراء المذكورين كانوا يخشون تطبيق القانون 431 لأن الهيئة الناظمة للاتصالات ستقلص صلاحيات وزير الاتصالات شيئاً فشيئاً فتأخذها كلها في النتيجة. وبذلك لو طبّق هذا القانون لما كان هناك «أوجيرو» ولا مدير عام ولا عبدالمنعم يوسف.

وفي نهاية المداولات، طلب الوزير حرب الرد على ملاحظات الوزراء وأسئلتهم، إلا أن رئيس الحكومة تمنى عليه إرجاء الرد إلى جلسة يعيّنها قريباً لأن الوقت تأخر.

مكاري

في الغضون، بدأت جلسات اللجان النيابية المشتركة المولجة بدرس قانون الانتخاب تحذو حذو جلسات انتخاب رئيس الجمهورية، حيث شهدت جلسة أمس (20 دقيقة) الدوّامة نفسها التي شهدتها الجلسات السابقة منذ سنوات، حيث أدلى كل من النواب بالموقف نفسه الذي أدلى به على امتداد الجلسات السابقة، لتنتهي الجلسة من دون أي نتيجة.

وبناء على ذلك أبلغ نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري «المستقبل» مساء أنه قرر الاعتذار من رئيس المجلس نبيه بري عن عدم ترؤس جلسات اللجان من الآن وصاعداً «إذا بقيت المراوحة في المواقف على حالها». وأوضح أن النواب المتمسكين بالنسبية «ما زالوا ملتزمين بموقفهم وكذلك المنادين بالنظام الأكثري، ومثلهم مؤيدو النظام المختلط، ولم يحدث أي خرق أو توافق على معيار القانون الذي سنقره، نسبياً أم أكثرياً أم مختلطاً. فإذا اتفق النواب على هذا المعيار يمكن مناقشة الموضوع والخروج بنتائج، أما إذا بقي الجميع على مواقفهم فلا جدوى من النقاش وعندها سأعتذر عن عدم ترؤس الجلسات».