غادر رئيس الحكومة تمّام سلام إلى القمّة العربية في موريتانيا، والأمل يحدوه على رغم عجز حكومته الذي يحمله معه إلى القمة في استجابة الشقيق العربي لطلب مساعدة الشقيق الأصغر لبنان، على التصدّي للعبء الثقيل الذي يرهقه على المستويات كافة، والمتمثّل بأزمة النازحين السوريين التي تتراكم سلبياتها على مدار الساعة. وما خلا ذلك، يبدو لبنان وكأنّه خارج الزمن السياسي، جمودٌ قاتل في الحركة الداخلية، الملفّات تتراكم وعقدُها تتشعّب وتتفاقم، وأمّا منجّمو السياسة من هذا الجانب أو ذاك، فمستمرّون في العزف على وتر الاشتباك السياسي، يَجمعهم انعدام الرؤية حول مآل الاستحقاقات المنتظرة في شهر آب. فلا مؤشّرات إلى حلحلة من أيّ نوع، لا حول «ثلاثية الحوار»المرتبطة بـ«سلّة برّي» مطلع الشهر المقبل، ولا حول الموازنة العامة التي يبدو أنّ طريقها عاد ليفرَش بالعقد والسلبيات، في وقتٍ يُنتظر أن تشكّل بداية الشهر المقبل بدايةَ حضور على المسرح الداخلي لأحد أبرز الملفّات الحياتية، والمتمثّل بتصحيح الرواتب والأجور.
قبل سفره أمس إلى القمّة العربية في موريتانيا، ومعه وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس، حرصَ رئيس الحكومة على توجيه رسالة إلى القمّة أكّد من خلالها على «علاقات لبنان مع أشقّائه العرب، الذين لم يقصّروا يوماً بدعمه ومساعدته مالياً واقتصادياً». ولفتَ إلى أنّه إذا «طرِح موضوع «حزب الله» في القمّة، سنردّ بأنّه مكوِّن رئيسي من مكوّنات البلد وعضوٌ في الحكومة».

وعلمت «الجمهورية» أنّ سلام أعدَّ إلى القمّة العربية كلمةً قصيرة وتتضمّن 3 محاور: المحور الأوّل: وضعُ النزوح السوري والمشاكل التي يعانيها لبنان، حيث سيَطلب سلام مساعدةً عربية لتمكينِه من الصمود، ضمن سياسة دعم الدوَل المضيفة للنازحين، وسيقدّم بعض المقترحات في هذا الشأن.

الثاني: موضوع الإرهاب، حيث سيؤكّد على موقف لبنان الرافض للعمليات الإرهابية، والمشدِّد على ضرورة مواجهتها، لأنّ لبنان يدفع ثمنَها.

الثالث: التأكيد على أنّ لبنان دائماً مع الإجماع العربي، ومع القضايا المحِقّة وينتظر الدعمَ والمساندة لمؤسساته الدستورية والعسكرية والأمنية.

مقاربة مميّزة

وفي المعلومات أنّ سلام سيُطلق مقاربةً مميّزة لموضوع النازحين. فبعدما كانت ترتكز في السابق على طلب مساعدات ماليّة لاستيعابهم وتحمُّلِ أعبائهم، تنطلق المقاربة الجديدة من المطالبة بمبادرات دولية لعودةٍ آمنة للنازحين إلى سوريا في مناطق محمية، لأنّ لبنان، بقدر ما تصِله مساعدات، لا يستطيع تحمُّل هذا العبء، علماً أنّ المساعدات التي تصله هي أقلّ بكثير من الحاجة والوعود.

وسيَدعو إلى مساعدة لبنان بالعتاد العسكري، من دون أن يذكر الهبة السعودية الملغاة، وذلك للدفاع ليس عنه فقط، إنّما عن كلّ المنطقة ولمواجهة لإرهاب.

ولم تستبعِد مصادر سلام أن يطرح موضوع «حزب الله» مجدّداً، وقالت لـ»الجمهورية»: «إنّ الوفد الرسمي الحكومي سيتحفّظ على أيّ أمر يتعلّق بالحزب، نظراً لحساسية الوضع الداخلي وعدمِ قدرة لبنان على تحمّل أيّة ارتدادات أو انتكاسات».

طبّارة

وقال السفير اللبناني السابق في واشنطن رياض طبّارة لـ»الجمهورية»: «مشكلتُنا لا تُحلّ في قمّة عربية أو في قمّة إسلامية، بل تُحلّ بدءاً بالإفراج عن ورقة رئاسة الجمهورية، وهذه على مستوى إيران والسعودية والولايات المتحدة الأميركية وروسيا، فهنا يَكمن الحلّ لهذه المشكلة، وليس في القمّة».

وتوقَّع أن يجدّد لبنان ثوابتَه في القمّة، ويركّز على ملف النازحين السوريين ويَطلب مساعدتَه ماليّاً وإعادةَ النازحين إمّا إلى أماكن آمنة وإمّا إلى دول أخرى.

وعن طلبِ البعض التنسيقَ مع النظام السوري في شأن عودة النازحين، أجاب: «لا أعتقد أنّ هناك منفعةً كبيرة للبنان في التنسيق مع النظام الذي ليس لديه إمكانات لمعالجة مشكلة هؤلاء. ثمّ على النظام السوري أن يعيد شعبَه إلى الأماكن التي خرج منها إذا كان يستطيع ذلك، وهنا لا تنسيق ولا أيّ شيء آخر». واعتبر «أنّ طلبَ التنسيقِ مع لبنان هو طلبٌ سياسيّ لإعطاء شرعية للنظام السوري، أي أن يتفاوض لبنان معه رسمياً لكي يربح بعضَ الميثاقية والصدقية أمام المجتمع الدولي».

الهدنة النفطية مستمرّة

سياسياً، ما زالت الهدنة النفطية غيرُ المعلنة ساريةَ المفعول على خطَّي الرئاستين الثانية والثالثة، ولكن من دون بروز أية معطيات تؤشّر إلى حلحلة على هذا الصعيد، أو تبريد للاشتباك السياسي حول هذا الموضوع، ربطاً باتفاق عين التينة بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ووزير الخارجية جبران باسيل.

وإذا كان سلام قد حرصَ على إطلاق إشارات إيجابية نحو عين التينة، بتأكيده أنّ «العلاقة مع بري صافية وواضحة»، إلّا أنّ أوساط بري تلقّت إشاراته من دون تعليق، وأكّدت في الوقت نفسه أنّ رئيس المجلس ما زال يَعتبر أنّ الملف النفطي هو الملف الأكثر حيوية للبلد، وبالتالي الأولوية الملِحّة لنا جميعاً، تفرض أن يسلك مساره الطبيعي نحو الحلحلة، من دون إبطاء وعرقلة»، متوقّعةً أن يكون هذا الملف في رأس اهتمامات بري بعد عودته من زيارته الخارجية».

الراعي: لتسوية سياسية

ومِن جهة ثانية، وفيما أكّدت أوساط بري استمرارَه في التعويل إيجاباً على الجلسات الحوارية مطلعَ آب المقبل، لخّصَ وزير المال علي حسن خليل هدفَ الحوار بقوله: «نريد لهذا الحوار أن يصل إلى نتائج تنفتح معها آفاق تسوية سياسية لا تكسر أحداً ولا تلغي أحداً».

وفي هذا السياق، دعا البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي المجتمعَ السياسي إلى قرار وطنيّ شجاع وحازم لحلِّ مشكلتنا، وذلك بإيجاد التسوية اللازمة لتكونَ مدخلاً لانتخاب رئيس للجمهورية.

تصحيح الأجور

حياتياً، علمت «الجمهورية» أنّ موضوع تصحيح الأجور سيوضَع على نار حامية اعتباراً من الشهر المقبل. وكان هذا الموضوع محورَ اتّصال بين وزير العمل سجعان قزي ورئيس الاتّحاد العمّالي العام غسان غصن، حيث اتّفقا على بعض التفاصيل المتصلة بهذا الأمر.

وقال غصن لـ«الجمهورية»: «الاتّحاد العمّالي يحضّر معركة تصحيح الأجور، وفقاً لمؤشّر غلاء المعيشة والأسعار، وتشاوَرنا مع الوزير قزي بضرورة دعوة لجنة المؤشّر لإعادة النظر في الأجور بشكل عام، وكان الوزير متجاوباً. علماً أنّه كان قد تمَّ الاتفاق أيّام حكومة الرئيس نجيب ميقاتي على مراجعة سنوية للأجور، ولكن مع الأسف لم يتمّ ذلك».

مصدر أمني

أمنياً، ألقى الجيش اللبناني أمس القبضَ على عنصر خطير من «جبهة النصرة» أثناء محاولة تهريبه إلى منطقة الملاهي في عرسال.
وقال مصدر أمني لـ«الجمهورية» إنّه وبناءً على معلومات موثوقة، نصَبت الوحدات العسكرية مكمناً عند أحد نقاطها في المنطقة، وأطبَقت على سيارة كان يقودها المدعو فايز بريدي، وعُثِر معه على المدعو رياض رضوان شرف الدين المعروف بأنّه ممرّض يَعمل مع «النصرة»، وكان يحاول تهريبَه من الجرود إلى منطقة الملاهي حيث يوجد مخيّم للّاجئين السوريين، واقتيدا إلى التحقيق.