لا جديد متوقعا في الجلسة الـ37 لانتخاب رئيس الجمهورية.
قد يزيد او ينقص اليوم عدد النواب الذين اعتادوا حضور الجلسات من باب تسجيل الموقف او النقاط، لكن الاكيد ان النصاب لن يتأمن، وبالتالي فان الشغور، بأشكاله المتعددة، مستمر حتى إشعار آخر.
وبرغم خطورة ظاهرة «عولمة» الارهاب الذي ضرب بالامس بلجيكا وزرع الرعب في أوروبا، وافدا من المنطقة المترنحة.. إلا ان أكثرية الاطراف اللبنانية لا تزال تنظر الى ما يجري في العالم والمحيط من «ثقب» حساباتها الخاصة ومصالحها السياسية المباشرة.
وعليه، لا تبدو معظم القوى الداخلية مستعدة لتغيير جدول أعمالها ولا لإعادة ترتيب سلم أولوياتها، ولا لمراجعة خياراتها، ولا لتعديل استراتيجياتها او تكتيكاتها، ولا لتكييف اشرعتها مع اتجاهات الريح، بل هي تلعبها على «الطريقة اللبنانية» المتوارثة: خلطة من الانانيات والعناد والاوهام والاخطاء الشائعة التي تجعل الكثيرين يعيشون في جزر منفصلة عن الواقع.
احترقت سوريا واستُنزف العراق وتشظى اليمن واهتزت اوروبا.. أما في لبنان، فالقاعدة الوحيدة السارية: «يا زعيم ما يهزك ريح».
وها هي المواقف والادبيات السياسية تعيد انتاج ذاتها، وفق وتيرة نمطية، وكأن أصحابها باتوا معزولين عما يدور في «العالم الخارجي» الذي تحول الى «قرية صغيرة»، أصبحت فيها العواصم الاقليمية والدولية مجرد «أحياء متجاورة» تتبادل التأثير..
وانطلاقا من هذا الأفق الضيق، فانه مهما ارتفع منسوب المخاطر العابرة للحدود، لا شيء في الداخل يدل على ان هناك إدراكا حقيقيا لها او إحاطة فعلية بها، أبعد من التنظير والمشاهدة بالمناظير. وليس أدل على ذلك من ان الاستحقاق الرئاسي يدور في حلقة مفرغة مستهلكا الوقت وفتات الدولة، والحكومة تتخبط في أداء شاحب ومتعثر، ومجلس النواب يعمل في المناسبات فقط، وقانون الانتخاب الذي هو مفتاح التغيير يستعصي على التحديث.
عون يصعّد
وعشية الجلسة الافتراضية لانتخاب رئيس الجمهورية، رفع «تكتل التغيير والاصلاح» بعد اجتماعه أمس برئاسة العماد ميشال عون نبرة اعتراضه، مشيرا الى ان هناك «من هم مهووسون بالنصاب العددي، والهوس لا تتولّد عنه رئاسة، بل النصاب ينشأ من الميثاق بدليل نسبة الثلثين».
وفي رد غير مباشر على الرئيس نبيه بري، شدد التكتل على ان «الاستحقاق لن يسقط كالفاكهة التي أينَعت، بل سيحصل بصورة طبيعية وسلسة، بمجرّد الالتزام بالميثاق».
وبالنسبة الى الوضع الحكومي، اعتبر التكتل في بيانه ان أقلّ ما يقال فيه هو إنّه غير متماسك بسبب التشرذم والتجاذب والاستنساب وعدم الإنتاجية، معتبرا انها «حكومة فجور واستئثار، واختزال وحَرفِ المسؤوليات».
وأكد ان قرار التكتّل الحاسم يتجاوز الموقف الكلامي إلى محاكاة الاستنهاض الشعبي، موضحا ان هناك خطّة عملانية على الأرض، بالأمكنة والمواقيت هي قيد التحضير المسؤول، مرتكزها العودة إلى الشعب الذي نفد صبره وهو صاحب الكلمة والفصل. واستشهد البيان بقول العماد عون «شمّروا عن سواعدكم..» هل تذكرون الجاهزية، لقد آن أوانها بانتظار إشارة الجنرال».
وامام انسداد شرايين الحلول، يستعد عون للخطة «ب»، كما يفهمها هو، والتي من شأنها ان تقود أنصاره في نهاية المطاف الى الاقتراع في الشارع.
وقال مصدر قيادي في التكتل لـ «السفير» ان هذا البيان تحذيري وينطوي على رسالة واضحة لكل من يعنيه الامر بان «التيار الوطني الحر»، قيادة وقواعد، لم يعد يحتمل استمرار الامعان في رفض الاعتراف بالحقوق الميثاقية للمسيحيين، مشيرا الى انه تبين ان الادانة الكلامية لم تعد كافية والصراخ لم يعد ينفع، بفعل الآذان الصماء.
ولفت المصدر الانتباه الى ان من بين الخيارات الاعتراضية التي دُرست الاستقالة من الحكومة او الانسحاب من الحوار، لكن تقرر صرف النظر عن سلوك هذا الاتجاه في الوقت الحاضر لتجنب احراج الحليف المتمثل في «حزب الله» من جهة، ولان لدى العماد عون حرصا من جهة أخرى على عدم توهين الجبهة الداخلية وحماية الحد الادنى من الاستقرار القائم حاليا، من دون ان يعني ذلك القبول باستمرار الواقع الحالي.
وكشف عن انه يتم الاعداد لخطة عملانية، قد تعتمد على التظاهرات الشاملة او الموضعية في الشارع، تبعا للظرف، موضحا ان اكتمال تكوّن هيكلية حزب التيار سيجعل التواصل أسهل مع قطاعاته وكوادره، وبالتالي سيساعد في تنظيم تحرك حضاري ومكثف.
وأوضح المصدر ان توقيت التحرك وشكله يتوقفان على كيفية تطور الاحداث، مشيرا الى انه «إذا تواصل تجاهل ارادة الجزء الاساسي من المكوّن المسيحي في ما خص رئاسة الجمهورية، أو إذا تابعت الحكومة فجورها كما حصل في ملف جهاز أمن الدولة، أو إذا تجرأ مجلس النواب على اعتماد حضور النصف+1 لانتخاب الرئيس، فان جمهور التيار ستكون له كلمته المدوية في الشارع».
تحذيرات نصرالله
تتفاعل اسرائيليا
على صعيد آخر، وغداة تهديد الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله في مقابلته مع قناة «الميادين»، باستهداف المفاعلات النووية الاسرائيلية ردا على أي عدوان ضد لبنان، لاحظت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن السيد نصرالله انتقل بتهديداته من استخدام مخازن المواد الكيماوية في خليج حيفا كـ «قنبلة نووية» إلى التهديد بضرب مفاعل ديمونا ومخازن الصواريخ والقنابل النووية.
وأشارت «معاريف» إلى أن مقابلة نصرالله مع قناة «الميادين» حملت رسالة بالغة الشدة بأن «حزب الله» سيضرب في كل مكان في إسرائيل بما في ذلك مفاعل ديمونا النووي «لردع العدو». ولاحظت الصحيفة أن نصرالله استبعد أن تكون إسرائيل تخطط حاليا لحرب على لبنان، لكنه قال إن أمرا كهذا ممكن كثمرة لحماقة. وهدد بأن لدى حزبه قائمة أهداف في فلسطين بينها المفاعلات النووية ومركز الأبحاث البيولوجية.
وبدا أن كلام نصرالله يحمل ردا واضحا على التهديد الذي أطلقه الأسبوع الفائت ضابط كبير في قيادة الجبهة الشمالية في الجيش الإسرائيلي وحذر فيه من «اختبار الجيش الإسرائيلي في الجبهة الشمالية»، معتبرا أن فتح «حزب الله النار يعني إقدامه على الانتحار.
وشددت «معاريف» على أن إسرائيل لا تتعامل باسترخاء (مع تهديدات نصرالله) وتفهم أن أي حادث يقع على الجبهة الشمالية، ولو كان أصغر حادث، يمكن أن يجر المنطقة بأسرها إلى حرب شديدة.
ونقلت عن ضابط في قيادة الجبهة الشمالية قوله «إننا نفهم حاليا أن عملية قد تقع في كل ثانية». وأضاف «أننا نحافظ على يقظة وتأهب. ولكن حزب الله حاليا ليس في وضع يجدر به شن عمليات. فهو يعيش في نقطة حرجة ولا يحتاج الآن لتهديد إضافي من إسرائيل. ونصرالله يعلم أننا إذا دخلنا هذه المواجهة فسنغدو خطرا وجوديا على التنظيم. وهو سيضطر لترك كل جبهاته والانشغال فقط معنا، وفي وضع كهذا سيتلقى الضربات على حد سواء في سوريا ولبنان. وإذا وجه نيرانه نحو إسرائيل فإنه كمن يطلق على نفسه طلقة في الرأس».
وركزت «هآرتس» على تقدير نصرالله بأنه لا مواجهة قريبة مع إسرائيل، وأشارت إلى أن كلامه عن مهاجمة إسرائيل مشروط بعدوان إسرائيل على لبنان وأن تقديره هو أن مثل هذا الهجوم لن يقع في المستقبل القريب. وقالت إن نصرالله حدد ما اعتبره «أهدافا مشروعة» لضربها في إسرائيل ردا على الاعتداءات الإسرائيلية التي يجري الحديث عن أنها ستعيد لبنان 300 سنة إلى الوراء.
وعرضت «هآرتس» لتحليل نصر الله بان إسرائيل تتعامل حاليا بحذر مع كل ما يتعلق بلبنان، جراء نجاح حزبه في خلق توازن ردع خلافا لما هو قائم مع دول عربية تمتلك أسلحة جوية.